بالصور-حشود شبابية تملأ ساحات بكركي للقاء البابا

امتلأت ساحات الصرح البطريركي الخارجية في بكركي بالآلاف من الاشخاص من لبنان وعدد من دول العالم ومن فئات عمرية مختلفة طغى عليها الفئة الشبابية التي رفعت الأعلام البابوية واللبنانية استعدادا لاستقبال قداسة البابا المرتقب دخوله أبواب الصرح بعد اقل من نصف ساعة.
شاشات عملاقة توزعت  على الساحات تنقل  التحضيرات والاستعدادات من لوحات ترنيمية وايحائيية خاصة بالمناسبة ودعوات للتعبير لحظة  لقاء قداسته بان الحشد الموجود هو من دعاة السلام.
إشارة إلى ان  عدد المشاركين من الشباب فاق التوقعات وسط نداءات بإفساح المجال امام الذين لا يزالون يدخلون الساحة في هذه الاثناء مع وجود اكثر من ثلاثة آلاف شخص ينتظرون خارج بوابة الصرح .


وكان الصرح البطريركي في بكركي قد استعد  لإستقبال قداسة البابا لاون الرابع عشر، في السادسة إلا ربعا من عصر اليوم الاثنين، ليلتقي شباب لبنان والعالم في باحة الصرح الخارجية، في احتفال نظمه مكتب اللجنة الوطنية لراعوية الشبيبة الخاص بمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، بالتعاون مع مكتب راعوية الشبيبة في الدائرة البطريركية في بكركي.

أكثر من 12 الف و800 شخص تسجلوا على منصة اللقاء من مختلف الطوائف والكنائس المارونية والأرثوذكسية والبروتستانية واللاتينية والإنجيلية، إضافة الى ممثلين عن الطوائف الإسلامية ومعهم مجموعات تتعاون مع مكتب راعوية الشبيبة في لقاءات اللجنة المسكونية ولجنة العلاقات مع الأديان الأخرى.

وقد لفت المشرف على مكتب راعوية الشبيبة في بكركي الخوري جورج يرق الى قدوم عدد كبير من أبناء رعايا ابرشيات الإنتشار المارونية الى لبنان للمشاركة في هذا اللقاء ولا سيما من اميركا، أوروبا، كندا، استراليا، افريقيا، سوريا العراق والأردن، مشيرا الى ان اكثر من 1500 متطوع من شبيبة الكنيسة سيكونون للمساعدة والخدمة، بعد نحو ثلاثة اشهر من التحضير والإستعداد لهذا الحدث الكنسي الشبابي.

وأعلن يرق ان الوفد الفاتيكاني شدد على “ان قداسة البابا ينتظر هذا اللقاء الذي سيوجه في خلاله رسالة الى شبيبة العالم اجمع من خلال شبيبة لبنان ومن البطريركية المارونية في بكركي تحديدا لأنها المرجعية الوطنية التاريخية. ولقد خصص البابا لاون مدة تتراوح بين ال15 و20 دقيقة لإلقاء كلمة يتوجه بها الى الشباب.

وحول ما يميز هذا اللقاء عن باقي لقاءات البابوات مع الشبيبة في لبنان هو ان البابا لاون الذي يعول كثيرا على الشبيبة، ضمن كلمته التي سيلقيها اليوم خلاصة ما استنتجه عن وضع الشبيبة ولبنان، بعد قراءته لنحو 100 رسالة وسؤال وجهها الشباب اللبناني الىه قبيل الإعلان عن زيارته الى لبنان،وذلك إصرارا منه على التعمق في وضع هذه الشبيبة.

ورأى الخوري يرق انه قد تتضمن هذه الكلمة مفاجأة للشباب سيقدمها لهم البابا لاون الذي لطالما ردد الوفد الباباوي أهمية الشبيبة بالنسبة لقداسته هو الذي اصر وبطلب خاص منه على الإستماع الى 3 شهادات حياة في خلال اللقاء بدل اثنتين كما قالت عضو مكتب الشبيبة في بكركي الأخت ميشلين منصور، واحدة تتعلق بالمسيحية والثانية بالإسلام والثالثة عن التعايش المشترك.

وسينقل الشباب معاناته وتطلعاته الى قداسة البابا من خلال مشهدية صامتة تعتمد على الحركات الإيمائية. وللمرة الأولى في زيارة الباباوات الى لبنان ستخدم جوقة مسكونية اللقاء مع الشبيبة تتألف من أعضاء من مختلف الكنائس.

البرنامج: وزعت اللجنة المنظمة للقاء قداسة البابا لاوون الرابع عشر مع الشبيبة في ساحة الصرح البطريركي – بكركي برنامج اللقاء .

بالصور-غارسا الزيتونة مع الشيخ والبطريرك.. البابا لاوون من اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: المصالحة والشراكة والسلام امر ممكن

قال البابا لاوون الرابع عشر خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: “بتأثرٍ عميقٍ وامتنانٍ كبير، أقف معكم اليوم هنا، في هذه الأرضِ المبارَكَة، الأرض التي مجَّدَها أنبياء العهدِ القديم، الذين رأوا في أرزها الشامخ رمزًا للنفس البارة التي تُزهِرُ تحت نظرةِ السَّماءِ السَّاهِرَة ، والأرض التي لم يَنطَفِئُ فيها صدَى الكلمة Logos” قط، بل استمرَّ ، جيلا بعد جيل، ينادي كل الراغبينَ لكي يفتحوا قلوبهم للهِ الحَيّ.


في الإرشادِ الرّسولي بعد السينودس، “الكنيسة في الشرق الأوسط”، الذي وقعه البابا بندكتس السادس عشر هنا في بيروت سنة 2012 ، شدَّدَ قداسته على أنَّ طبيعة الكنيسة ودعوتها الجامعة تقتَضيان منها أن تفتح الحوار مع أعضاء سائر الديانات. يرتكز هذا الحوارُ في الشَّرقِ الأوسط على الرّوابِطِ الرّوحيّةِ والتّاريخيّةِ التي تَجمَعُ المسيحيين مع اليهود والمسلمين. هذا الحوار لا تمليه أولا اعتبارات براغماتية سياسية أو اجتماعية، بل يستند ، قبل كل شيء، إلى أُسَسٍ لاهوتية مرتبطة بالإيمان (رقم ).19
الأصدقاء الأعزّاء،
إنَّ حضوركم هنا اليوم، في هذا المكان الفريد، حيث تَقِفُ المآذنُ وأجراس الكنائس جنبًا إلى
جنب، مرتفعةً نحو السّماء، يَشْهَدُ على إيمانِ هذه الأرضِ الرّاسخ وعلى إخلاص شعبها المتين للإله الواحد. هنا، في هذه الأرض الحبيبة، لِيَتَّحدُ كلُّ جَرَسٍ يُقرَع، وكلُّ آذان، وكلُّ دعوة إلى الصّلاةِ في نشيدٍ واحدٍ وسام، ليس فقط لتمجيد الخالقِ الرّحيم، خالِقِ السّماءِ ،والأرض، بل أيضًا لِرَفع ابتهال حارّ من أجل عطيّة السّلام الإلهيّة.
منذ سنواتٍ عديدة، ولا سيّما في هذه الأيّام، توجهت أنظارُ العالم إلى الشرق الأوسط، مهد الديانات الإبراهيمية، تَنظُرُ إلى المسيرةِ الشَّاقَةِ والسَعِي الدَائِمِ لعطيّةِ السّلام. أحيانًا تَنظُرُ الإنسانية إلى الشرق الأوسط بقلقٍ وإحباط أمام صراعاتٍ مُعَقَّدَةٍ ومُتَجَذِّرَةٍ عبر الزمن. مع ذلك، وسط هذه التحدّيات، يمكننا أن نَجِدَ معنّى للرّجاءِ والعزاء عندما نُرَكَّزُ على ما يَجمَعُنا: أي على إنسانيتنا المشتركة، وإيماننا بإله المحبّة والرّحمة في زمن يبدو فيه العيش معا حُلُمًا بعيد المنال، يبقى شعبُ لبنان، بدياناته المُختَلِفَة، مذكّرًا بقوة بأنّ الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المُسبَقَةِ ليست لها الكلمةُ الأخيرة، وأنّ الوحدة والشركة والمصالحة والسّلامَ أمرٌ مُمكن. إنّها رسالة لم تتغيَّر عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة:
الشهادة للحقيقة الدائمة بأنّ المسيحيين والمسلمين والدّروز وغيرهم كثيرون، يُمكنهم أن يَعِيشُوا معا ويَبنُوا معًا وطنًا يَتَّحدُ بالاحترام والحوار.
قبل ستين سنة، فتح المجمع الفاتيكاني الثَّاني، بإعلانه وثيقة في عصرنا – Nostra aetate“ ، أُفُقًا جديدًا للقاء والاحترام المتبادل بين الكاثوليك وأبناء الديانات المختلفة، وأكَّد أنَّ الحوار الحقيقي والتّعاوُنَ الصَّادِقَ مُتَجَذِرانِ في المحبّة، الأساس الوحيد للسّلام والعدل والمصالحة. هذا الحوار، الذي يَستَمِدُّ إلهامه من المحبّة الإلهيّة، يجب أن يُعانِقَ كلَّ أصحاب النوايا الحسنة، ويرفض التحيّز والتفرقة والاضطهاد، ويُؤكِّد على مساواة كرامة كلّ إنسان.
تمَّت خدمة يسوع العلنية بشكل رئيسي في الجليل واليهوديّة، إلّا أنّ الأناجيل تروي أيضًا أحداث زيارته لمنطقة المدن العشر ، وأيضًا لنواحي صُور وصيدا، حيث التقى المرأة السريانية الفينيقية التي دَفَعَه إيمانُها الرّاسِخُ لِيَشفِيَ ابنتها (راجع مرقس ،7 24-30 ). هنا، صارَت الأرضُ نفسُها أكثر من مجرّدِ مكان لقاء بين يسوع وأمّ تَبْتَهِلُ إليه، بل صارت مكانًا يتخطّى فيه التّواضع والثّقة والمثابرة كلَّ الحواجز، وتلتقي بمحبّةِ اللهِ اللامتناهية التي تُعانِقُ كلَّ قلبٍ بشر. في الواقع، هذا هو “جوهر الحوار بين الأديان: اكتشافُ حضور الله الذي يتجاوز كل الحدود، والدّعوة إلى أن نبحث عنه معًا باحترام وتواضع”.
وإن كانَ لبنان مشهورًا بأرزه الشامخ، فإنَّ شجرة الزيتون أيضًا تُشَكَّل حجرًا أساسيا في تراثه وشجرةُ الزّيتون، لا تُزَيَّنُ فقط المكان الذي نحن مُجتَمِعُونَ فيه اليوم، بل هي مُكَرَّمَةٌ في النّصوص المقدّسة في المسيحية واليهوديّة والإسلام، وتُشكّلُ رمزًا خالدًا للمصالحة والسّلام. عُمرُها الطّويلُ وقُدرَتُها الفريدة على الازدهار، حتّى في أشدّ البيئاتِ قَساوةً، يرمزان إلى البقاء والرّجاء ، ويَعكِسانِ التزامها وصُمودَها لتنمية العيش معًا . من هذه الشَّجرةِ يَتَدَفَّقُ زيتٌ يَشفِي، وهو بَلسَمٌ لجِراحِ الجسدِ والرّوح ، يُظهِرُ رحمة الله اللامحدودة لكل المتألّمين، وزيت يوفّرُ النّور أيضًا، ويُذَكَّرُنا بالدّعوة إلى أن تنير قلبنا بالإيمان والمحبّةِ والتّواضع.
كما تمتد جذورُ الأرز والزّيتونِ عميقًا وتَنتَشِرُ في الأرض، كذلك أيضًا يَنتَشِرُ الشَّعبُ اللبناني في العالم، لكنَّه يَبقَى مُتَّحِدًا بقوَّةِ وطنِهِ الدّائمةِ وتراثه العريق. حضورُكم هنا وفي العالم كلّه يُغنِي الكَوكَبَ بارثِكُم الذي يَرجِعُ إلى آلاف السنين، وهو أيضًا دَعوة. ففي عالمٍ يزدادُ ترابطًا، أنتم مدعُوُونَ إلى أن تكونوا بُناة سلام وأن تواجهوا عدم التسامح، وتَتَغَلَّبُوا على العُنف، وتَرفُضُوا الإقصاء، وتُنِيرُوا الطَّريق نحو العدل والوئام لِلجَمِيع، بشهادَةِ إيمانِكُم.
أيُّها الإخوة والأخواتُ الأعزّاء،
إنّ الخامس والعشرينَ مِن آذار / مارس من كلّ سنة هو عيد وطني تحتفلون به في بلدكم، وتُكَرِمُون معًا ،مريم، سيّدة لبنان، المُكَرَّمَةَ في مزارِها في حريصا ، الذي يُزَيّنُهُ تمثال مهيب للعذراء وذراعاها مَفتُوحَتَانِ لَكَي تُعائنقَ كُلَّ الشَّعبِ اللبناني.
ليَكُن هذا العِناقُ الوالِدِيُّ والمُحِبُّ من مريم العذراء، أم يسوع وملكة السّلام هداية لكلّ واحدٍ منكم، حتّى تفيض في وطنكم، وفي كل الشرق الأوسط، وفي العالم أجمع، عطيّة المصالحة والعيش السلمي “مثل الأنهار التي تَجري مِن لبنان” (راجع نشيد الأناشيد 4 /15)، وتحمل الرّجاءَ والوحدة والشركة للجميع.
وكان  قداسة البابا قد وصل في الرابعة من بعد الظهر الى ساحة الشهداء، حيث شارك اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان ولدى وصول البابا تم استقباله من قبل البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي، وبطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس  الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وشيخ العقل لطائقة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى.

هذا وشارك في اللقاء كل من: البطريرك الماروني يشارة بطرس الراعي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس  يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية والقدس للروم الكاثوليك مار يوسف الاول العبسي، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا الكاثوليكوس آرام الأول، بطريرك كيلّيكيا للأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون مينيسيان، بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار أسايان، رئيس الطائفة الاشورية المطران مار مليس زيا، رئيس الطائفة القبطية في لبنان وسوريا القمص اندراوس الانطوني، رئيس المجمع الاعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا القس جوزف قصاب، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان،  شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، رئيس المجلس الاسلامي العلوي  راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، بطريرك الاسكندرية للأقباط الكاثوليك الأنبا إبراهيم إسحق سدراك، بطريرك الكلدان في العراق والعالم الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيير بتيستا بيتسابالا.
كما يحضر المطارنة: شارل مراد، دانيال كورية، يوسف سويف. وأمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، رئيس مجمع تعزيز الوحدة المسيحية الكاردينال كورت كوخ، رئيس مجمع الكنائس الشرقية الكاردينال  كلاوديو غوجيروتي، رئيس مجمع الحوار بين الأديان الكاردينال جورج جاكوب كوفاكاد.

ويشارك ايضا: النائب ملحم خلف، والوزيران السابقان محمد الصفدي وعباس الحلبي، محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، نقيب المحررين جوزف القصيفي وحشد من الشخصيات الدينية والمدنية والسياسية.
ولدى دخول قداسة البابا علا التصفيق في القاعة واعتلى البابا المنصة  وصافح رؤساء الطوائف الذين سيشاركوم في اللقاء على وقع هتاف ليحيا البابا.

يونان:  وألقى بطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية إغناطيوس يوسف الثالث يونان كلمة جاء فيها: “كما قال البابا يوحنا بولس الثاني لبنان ليس مجرّد بلد وإنّما رسالة إلى منطقتنا والعالم أجمع”.
أضاف: “الزيارة اليوم من أجل بناء السلام والاستقرار في المنطقة، ولا سيما لبنان الصغير على الخارطة ولكن الكبير برسالته ودوره وفسيفسائه الاسلامي المسيحي”.

تابع: “زيارتكم تتزامن مع محطتين أساسيتين في المسيحية: الذكرى الأولى للمجمّع المسكوني الذي عقد في نيقيا حيث اجتمعتم بطوائف دينية اخرى، كنائسنا تنظّم الاجتماعات المسكونية لتحتفل بالقانون الذي نجتمع تحته جميعنا، اما المحطة الثانية فهي الدعوة إلى الحوار ما بين الأديان هذه الدعوة التي أصدرها المجلس الفاتيكاني”.

بعدها تم تلاوة نص من الانجيل مرنما بحسب الطقس البيزنطي، فتلاوة لآيات من القران الكريم.

يازجي: من جهته، رحب بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر يازجي في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء، بالبابا لاوون الرابع عشر، وقال:

“أهلا بكم في الأرض التي انغرس فيها صليب المسيح، أهلا بكم في لبنان هذا البلد الفريد الذي يتنفس في بيئتيه المسيحية والإسلامية، وبلد العيش الواحد والمكونات التي تنصهر لتكوّن لبنان”.

دريان: كما القى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عيد اللطيف دريان كلمة في اللقاء الإسلاميّ المسيحي، بحضور بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر في ساحة الشهداء قال فيها:

” بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ربِ العالمين ، والصلاةُ والسلامُ على أنبياءِ ورسلِ اللهِ أجمعين، وعلى سيِّدِنا محمدٍ خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين ، وعلى آلهِ وأصحابِه أجمعين.

وبعد : فإنّه لَمِن دواعي سُرورِنا أن نكونَ في استقبالِ بابا الفاتيكان لاوُون الرابعَ عَشَر الذي يزورُ لبنان بلدَ التَّعايُش والتَّعَدُّدِ الطَّائفيّ المتنوُّعُ ، وهو غِنىً وإثراءٌ لإنسانيةِ الإنسان ، واعتبارُ المواطَنةِ أساساً في تحديدِ الحقوقِ والواجبات على حدٍّ سَوَاء ، ومِن دونِ أيِّ تمييز. وفي لبنان نؤكِّدُ دائماً ثوابِتَنَا الوطنيةَ، في قِمَمِنا الرُّوحية ، ونَحتَرِمُ الحُرِّيَّاتِ الدِّينيَّةَ وحقوقَ الإنسان ، كأساسٍ للعيشِ المُشتركِ في مُجتمعِاتِنا المتنوِّعَةِ والمُتَعَدِّدة ، ولا نِتدِخَّلُ في الخصوصِيَّات ، فبلدُنا لبنان يَحمي دُستورُه حقَّ الطَّوائفِ في مُمارسةِ شرائعِها ، مِصداقاً لقولِه تعالى: ﴿لكلٍّ جعَلْنا مِنكُمْ شِرعَةً وَمِنهاجاً﴾.
الإسلامُ هو المَسِيرَةُ الإيمانيَّةُ بِاللهِ الوَاحِد ، مِن آدمَ إلى نوحٍ وإبراهيم ، إلى موسى وعيسى ، وانتهاءً بمحمد ، عليهم جميعاً صلواتُ اللهِ وسلامُه.

وقد قال اللهُ تعالى في مُحكمِ تَنزِيلِه: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ، وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ .

ونستذكر هنا ما أمرَ به رسولُ اللهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ الذينَ لا يَستطيعون الدِّفاعَ عَنْ أنفُسِهِمْ مِنَ المُؤمنين، بالهِجرةِ إلى الحَبَشَة  ، وقال لهم : (إنَّ فيها مَلِكاً لا يُظلَمُ عِندَهُ أَحَد) . وخَشِيَتْ قُريشٌ أنْ تَنتَشِرَ الدَّعوَةُ بهذهِ الطَّريقةِ خارِجَ مَكّة، فأرسَلتْ رُسُلَهَا إلى النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشةِ المَسِيحي ، لِيَطرُدَ المُسْلِمينَ مِنْ عِندِه ، وقد زَعَمَ رَسُولا قُريشٍ أنَّ هؤلاءِ اللاجئينَ عِندَه ، والطَّالبينَ حِمَايَتَه ، والعَيشَ مُؤَقَّتاً في جِوَارِه ، هُمْ ضِدُّ دَعوةِ عيسى عليهِ السَّلام ، فقرأَ جَعفرُ بْنُ أبي طَالِب، اِبْنُ عَمِّ النبيِّ على المَلِكِ صَدْرَاً مِنْ سُورةِ مريم ، فتأثَّرَ النَّجَاشِيُّ وقال: (إنَّ هذا ، ومَا أَتَى بِه عيسى ، لَيَخرُجُ مِنْ مِشكاةٍ واحدة) . وأبى أنْ يَطرُدَ الآتِينَ إليهِ ، هَرَبَاً مِنَ الاضْطِهادِ بِسَبَبِ إيمانِهم ، وأصبحَ المسيحيون في أرضِ الحبشةِ، أولَ أصدقاءِ الدَّعوةِ الجَدِيدَة ، وأوَّلَ أصدقاءِ أهلِها.
وإنَّ وَثيقةَ المدينةِ المُنوَّرة ، التي قامَتْ على أَساسِهَا نَوَاةُ الدَّولةِ الأُولى في الإسلام ، نَصَّتْ على أنَّ المؤمنين وغيرهم في المجتمعِ المَديني المتنوع، يُشَكِّلونَ مَعَ المسلمين (أُمَّةً وَاحِدَة)” .

اضاف: “بهذِه الأُسُسٍ الإيمانِيَّة، أُرَحِّبُ بِضَيفِ لبنانَ الكبير، البابا لاوَون الرابعَ عَشَر، مُتمنِّياً له التَّوفِيقَ في قِيَادَةِ السَّفِينَةِ المَسِيحِيَّة، لِمَا فيه خَيرُ الإِنسانِيَّة ، على النَّحوِ الذي تُجَسِّدُهُ وَثِيقَةُ الأُخُوَّةِ الإِنسانِيَّةِ ، بَينَ إِمَامِ الأَزهَرِ الشَّرِيف ، الشيخ أحمد الطيّب ، والبابا الراحل فرنسيس”.

وختم دريان: “إنَّ لبنانَ هو أَرضُ هذِه الرِّسَالة ، وهو رَافِعُ رَايَتِها، وَالعَامِلُ عليها ولها . ولذلك فإنَّنا ، نَعُدُّ أَنْفُسَنا مُؤتَمَنِينَ ، دِينِيّاً وأخلاقِيّاً ووطنِيّاً ، على حَملِ مَشعَلِ هذِه الرِّسَالَة ، حتَّى يَعُمَّ الأمنُ والسَّلامُ في العالَم ، وحتَّى تَسُودَ المَحبَّةُ بينَ جَميعِ الأُمَمِ والشُّعُوب”.

الخطيب: بدوره، رحّب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء بالبابا لاوون الرابع عشر، وقال: ”

“نرحب بكم في لبنان، باسم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والطائفة الشيعية عامة، مقدرين زيارتكم لبلدنا، مثمنين مواقفكم في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا.
نحييكم بتحية الإسلام الذي يؤمن بالسيد المسيح عليه السلام، رسولا ونبيا ومبشرا وهاديا.
وتحية طيبة لجنابكم من لبنان الجريح الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي في الفاتيكان، رسالة وليس بلدا على هامش التاريخ .
ومن هذا المنطلق أملنا كبير جدا، بأن تحمل زيارتكم لبلدنا كل فرص النجاح، وأن تُثمر في تعزيز الوحدة الوطنية المهتزة في هذا البلد المثخن بالجراح، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على أهله وأرضه.
إن ثقافتنا الروحية مبنيّة على الأخوة الإنسانية، نستوحيها من مبادئ الإسلام الذي لا يفرق بين البش، حيث يقول رسولنا الكريم محمد بن عبد الله “لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى”. كما نستمد هذه الثقافة من فكر خليفته الإمام علي بن أبي طالب الذي يرسم طبيعة العلاقة بين البشر بعبارته الإنسانية البالغة المعنى :”الناس صنفان.. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”.
ونحن نعتبر أنفسنا أخوة في الايمان ونظراء في الخلق، لا نفرّق بين أبناء البشر إلا بالتقوى، وأن الاختلاف من طبيعة البشر، وأن العلاقة بين  المختلفين محكومة بالحوار والتعارف والتعاون على البِر والتقوى، وأن التعايش السلمي بين اتباع الديانات المختلفة هو القاعدة والأساس، وأن ما يحصل من حروب مفتعلة باسم الأديان لا يعبرعن حقيقة الدين الذي يقوم اولا على اساس حرمة الانسان وكرامته.
اننا مؤمنون بضرورة قيام الدولة، لكننا في غيابها اضطررنا للدفاع عن انفسنا في مقاومة الاحتلال الذي غزا ارضنا، ولسنا هواة حمل سلاح وتضحية بأبنائنا.
بناء على ما تقدم نضع قضية لبنان بين أيديكم بما تملكون من إمكانات دولية، لعل العالم يساعد بلدنا على الخلاص من أزماته المتراكمة، وفي طليعتها العدوان الإسرائيلي وما خلفه ويخلفه من تبعات على وطننا وشعبنا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”
ويعقد اللقاء في خيمة بنيت خصيصا لهذا الحدث والتي تضم مسرحا صمم بشكل دائري كرمز للعائلة المتحدة.

بعد ذلك سيعرض وثائقي يتضمن شهادات حياة عن العيش المشترك والحوار بين الأديان. ويليه 8 كلمات لرؤساء الطوائف، فكلمة البابا لاوون الرابع عشر، وسيغرس البابا في وسط المكان شجرة زيتون رمزا للسلام.

افرام الثاني: وقال بطريرك السريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء: “بفرح روحي وأمل كبير أرحب بزيارة قداستكم إلى أرض القداسة لبنان، قلب الله، مستذكراً قول اشعياء النبي: »مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ، الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ» (اشعياء 52: 7).
أرحّب بكم باسم كرسي أنطاكية الذي يشترك مع كرسي روما في خدمة بطرس هامة الرسل وبولس رسول الأمم، وباسم جميع مسيحيي المشرق الذين شهدوا ويشهدون للسيد المسيح منذ بدء المسيحية، رغم الضيقات والاضطهادات التي عانوا منها عبر العصور، فقلّ عددهم بشكل فادح، وأصبح وجودهم في أرض آبائهم وأجدادهم مهدّداً. وفي السنين الأخيرة، أصبحت بلادنا، بمسلميها ومسيحيّيها، ضحية حملات تكفيرية إرهابية وحروب دامية، وكذلك عدوّ إسرائيلي شرس، ممّا سرّع في تهجير الكثيرين. وفي الوقت عينه، عززّت هذه التحدّيات الوجودية العمل المشترك بين مختلف كنائس مشرقنا وأدّت إلى ما سمّاه سلفكم الطيب الذكر البابا فرنسيس: “مسكونية الدم”.
صاحب القداسة،
تأتي زيارتكم الرسولية هذه في وقت حسّاس من تاريخ هذه المنطقة حيث نشهد اضطرابات كبيرة وتحولات جذرية، نأمل أن تنتج استقراراً وعدلاً وسلاماً لمنطقتنا لم تعرفه منذ زمن بعيد. فأبناء هذه الأرض توّاقون للسلام المبنيّ على العدالة، الذي يجب أن يؤدّي إلى صون كرامة الإنسان وحريّته، في ظل دولة يسودها حكم القانون وتقوم على المساواة في الحقوق والواجبات.
صاحب القداسة،
يعيش المسيحيون والمسلمون على هذه الأرض الطيبة منذ قرون، يتشاركون الآلام والآمال، ويتوقون إلى الاستمرار في العيش معاً مستفيدين من تجارب آبائهم وأجدادهم. ومع أهمية الحوار الأكاديمي بين ممثلي الأديان، تبقى الخبرة المكتسبة من العيش الواحد العنصر الأهم في تعزيزه. فالمشرق ليس حدوداً تُرسَم على الخرائط، بل هو حياة تُعاش، وذاكرة تُصان، ونسيجُ علاقات إنسانية جمعت عبر القرون بين المسلمين والمسيحيين. وهنا تعلّمنا أن العيش المشترك ليس شعاراً، بل حوار حياة يقوم على اللقاء الصادق والاحترام المتبادل، وعلى مسؤولية يحملها الجميع تجاه الإنسان – كلّ إنسان – لأنه محور رسالتنا وغاية دعوتنا.
وفي هذا البلد الحبيب، لبنان، أدركنا أن الإنسان لا يكتمل إلا بأخيه، وأنّ تلاقي أبناء الأديان قادر أن يبني مجتمعاً متماسكاً يقف في وجه التعصّب والانقسام، ويبعثَ الرجاء في زمن أثقلته الصعاب. وكلما ارتفع صوت الظلم أو تعمّق جرح الانقسام، بقيت الكنيسة في لبنان والمشرق شاهدة للضمير الإنساني، تدعو إلى الحوار الصريح، واحترام الحرية الدينية، وحفظ كرامة كل إنسان خُلق على صورة الله ومثاله.
صاحب القداسة،
نعلم أنكم ستحملون في قلبكم معاناة هذا المشرق المتألم، وستعملون جاهدين على رفعها وضمان حياة حرة وكريمة لكل أبنائه، من خلال صلواتكم وعلاقاتكم وعملكم مع ذوي النوايا الحسنة.
فلنرفع معاً صلاتنا إلى الرب الإله، سائلينه أن يبارك هذا اللقاء، وأن يجعل من زيارة قداستكم إشراقة جديدة في مشرقنا المعذّب؛ إشراقة تبدّد الخوف من القلوب، وتوقظ الرجاء في النفوس، وتعيد إلى شعوب منطقتنا الثقة بوعد الرب القائل: »أتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ» (يوحنا 10:10).

شيخ العقل: وقال شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي ابي المنى في كلمة خلال اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء: “نصلّي معاً لخلاص لبنان والمنطقة وأن نطوّق الألم في الأمل ونتمسّك بالشراكة الوطنية وهي مظلّة عيشنا الواحد المشترك فلبنان يمكن أن يكون النموذج الأرقى للتنوّع في الوحدة”.

أضاف: “زيارتكم تدعونا للارتقاء إلى ما هو أسمى الى إغلاق التعصب والتطرف ليكون صوت السلام أقوى من الحروب”.

قدور: وقال رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور في كلمة خلال كلمة في اللقاء مع البابا لاوون في ساحة الشهداء:

“يشرفنا أن نعبّر بغاية السرور والمحبة عن تقديرنا العميق لقداسة الحبر الأعظم وأن نرفع إلى قداسته أسمى آيات الترحيب والتقدير بمناسبة زيارته الى لبنان، هذا البلد الذي شاءت حكمة الله أن يكون ملتقى الأديان وواحة للحوار وجسرًا بين الشرق والغرب”.

واعتبر أن “زيارة البابا لاوون رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعاً بأن لبنان ما زال قادراً على النهوض واستعادة دوره”.

أضاف: “إن حضور قداستكم ليس حدثًا بروتوكوليًا بل رسالة رجاء إلى اللبنانيين جميعًا ورسالة تأكيد أن لبنان رغم ما يمر به من محن ما زال قادرًا على النهوض برسالته”.

غرس زيتونة: واختتم اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء بقيام البابا ، بحيط به البطريرك اليازجي والشيخ ابي المنى ، بغرس غرسة زيتون قدمها له طفلان ،على وقع ترانيم في مساء الورد يا مريم ونشيد المخلوقات، ثم صورة تذكارية بالمناسبة .

هدية: وشهدت خيمة اللقاء المسكوني في ساحة الشهداء تحضير هدايا رمزية وُضعت على المقاعد المخصّصة للمدعوين إلى لقاء البابا لاوون الرابع عشر بعد ظهر اليوم.

وتضمنت الهدايا نسخة من الإنجيل، وأخرى من القرآن الكريم، والعهد الجديد، إضافة إلى كوب تذكاري يحمل علمَي الفاتيكان ولبنان، في رسالة واضحة إلى قيم الوحدة والإيمان المشترك واحترام التنوع الديني.

 

البابا لاوون للبنانيين: أنتم شعب لا يستسلم.. وبالصورة- رسالة في سجل الشرف في القصر الرئاسي

أكد البابا لاوون الرابع عشر من قصر بعبدا أنّه” لفرح كبير لنا أن نزور هذه الأرض حيث السلام هو أكثر من مجرّد كلمة بل أمنية ودعوة وعطيّة وورشة عمل مشرّعة دائمًا”.
وتوجّه البابا لاوون للبنانيّين قائلاً: “أنتم شعب لا يستسلم بل ينتصر أمام الصعاب ويعرف كيف يولد من جديد وصمودكم علامة مميّزة لا يمكن الإستغناء عنها”.


وشدد على أن “الإلتزام من أجل السلام لا يعرف الخوف أمام الإخفاقات المتكرّرة ولا يسمح للفشل أن يمنعه وطالب السلام يقبل ويعانق الواقع القائم والسلام يتطلّب مثابرة من أجل حماية الحياة لتنبض من جديد”.
وأضاف البابا لاوون للبنانيّين: “أنتم بلد متنوّع وجماعة متآلفة من جماعات تجمعكم لغة لا تقدّر بثمن ولغة رجاء سمحت لكم دائماً بأن تبدأوا من جديد”.
وقال للمواطنين: “عانيتم من أزمات اقتصاديّة ومن تشدّد وقمتم من جديد وباستطاعة لبنان المفاخرة بالمجتمع المدني الغني بالكفاءات”.
من هنا، أعرب البابا لاوون عن أمنيته بأن يتحدث اللبنانيون بلغة الرجاء القادرة على لمّ الشمل التي تجعل من كل المجموعات جماعة متناغمة والمنتشرون اللبنانيّون يحبّون وطنهم ويتضرعون من أجلكم وصانعو السلام يقومون بذلك من خلال سلوك طريق المصالحة.
وشدد البابا لاوون على أن ثقافة المصالحة تحتاج إلى اعتراف السلطات والمؤسسات بتقديم الخير العام، لافتاً إلى أن السلام في الواقع هو أكثر بكثير من التوازن الدائم والمهترئ بين الذين يعيشون منفصلين تحت سقف واحد.
واعتبر أن السلام هو أن نعرف كيف يمكننا العيش معاً جنباً إلى جنب في سبيل مستقبل مشترك وعندها يُحقق السلام تلك البحبوحة التي تدهشنا حينما تتخطى آفاقنا الحواجز والحدود.

وأشار إلى أن فاعلي السلام يجرؤون على البقاء حتى لو كلفهم ذلك بعض التضحية، مؤكداً أن العودة إلى الوطن يتطلب شجاعة وبصيرة على الرغم من الظروف الصعبة.

وفي ما يلي نص الكلمة كاملة:

كلمة قداسة البابا لاوُن الرابع عشر في اللقاء مع السُّلُطات ومم’ثلي المجتمع المدني والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي – بيروت:

“السّيّد الرّئيس،
السُّلُطات المدنيّة والدّينيّة المحترمين، أعضاء السّلك الدّبلوماسيّ ،
سيداتي وسادتي!
طوبى لفاعلي السّلام!
إنّه لفرحٌ كبير لي أن ألتقي بكم وأزور هذه الأرض حيث ”السّلام“ هو أكثر من مجرَّد كلمة: السّلام هنا هو شَوق وهو مصير، وهو عطيّة وورشة عمل مفتوحة دائمًا. أنتم مكلَّفون بالسُّلطة في هذا البلد، كلٌّ في مجاله الخاصّ وبأدوار محدّدة. ومن منطلق هذه السُّلطة، أودّ أن أوّجه إليكم كلام يسوع، الذي تمّ اختياره ليكون مصدر إلهام أساسيّ لهذه الزّيارة:
“طوبى لفاعلي السّلام” )راجع متّى 5، .(9 بالتّأكيد، هناك ملايين اللبنانيّين، هنا وفي كلّ العالم، يخدمون السّلام بصمت، يومًا بعد يوم. أمّا أنتم، الذين تحملون المسؤوليّات المختلفة في مؤسّسات هذا البلد، فلَكُم تطويبة خاصّة إن استطعتم أن تُقَدِّّموا هدف السّلام على كلّ شيء. أودّ، في لقائنا هذا، أن أفكِّّر معكم قليلًا في معنى أن نكون فاعلي سلام في ظروف بالغة التّعقيد، ومليئة بالصّراعات والاضطراب.

رسالة السجل الذهبي: وترك البابا لاوون الرابع عشر، الأحد، رسالة بسجل الشرف في القصر الرئاسي اللبناني.

وكتب البابا: “في اليوم الأول من زيارتي إلى لبنان، أحد البلدين اللذين أزورهما في هذه الرحلة الرسولية الأولى في حبريّتي، أتمنى بفرحٍ بركات كثيرة لجميع شعب لبنان، مصليا أن يسود السلام”.

وحظي البابا باستقبال رسمي في مطار بيروت، شارك فيه رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى جانب قائد الجيش العماد رودولف هيكل.

ويتضمن برنامج الزيارة جولات في خمس مدن وبلدات لبنانية حتى الثلاثاء، قبل أن يغادر البابا عائدا إلى روما، في حين لا تشمل الزيارة الجنوب اللبناني بسبب الأوضاع الأمنية.

الرئيس عون في حفل استقبال البابا: أبلغوا العالم أننا باقون هنا ولن نستسلم

توجه الرئيس جوزاف عون خلال الحفل الرسمي لاستقبال قداسة البابا لاون الرابع عشر الى قداسة البابا لاوون الرابع عشر بالقول: “بفرح عظيم، أرحب بكم، رسول سلام في وطن السلام. بشرف عظيم، وباسم الشعب ال​لبنان​ي بكل مكوّناته وطوائفه وانتماءاته، أرحّب بكم في هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، لبنان الذي كان وما زال أرضاً تجمع بين الإيمان والحرية، بين الاختلاف والوحدة، وبين الألم والرجاء”.

وفيما يلي نص الكلمة:

قداسة البابا لاوون الرابع عشر،
بفرح عظيم ، أرحب بكم، رسول سلام في وطن السلام.
بشرف عظيم، و باسم الشعب اللبناني بكل مكوّناته وطوائفه وانتماءاته، أرحّب بكم في هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، لبنان الذي كان وما زال أرضاً تجمع بين الإيمان والحرية، بين الاختلاف والوحدة، وبين الألم والرجاء
صاحب القداسة،
إنّكم لا تزورون بلداً عادياً، بل أرضاً محفوفة بخطوات التاريخ المقدّس
فقد ذُكِر لبنان في الكتب المقدّسة مراراً، رمزاً للعلو والثبات والقداسة. وقد استعمل نشيد الأناشيد جبال لبنان وغاباته كرموز للجمال والروعة والنقاء،  فغدت هذه الأرض شاهدة على عظمة الخلق ووفاء للتاريخ المقدّس
بفخر عظيم، أرحب بقداستكم، على أرض الكنعانية الراجية شفاء ابنتها. حتى قال لها يسوع: “يَا امْرَأَة، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ”.
وشعبنا اليوم كله يا صاحب القداسة، مثل تلك الكنعانية.
إيماننا عظيم…  ورجاؤنا شفاء النفوس والقلوب والعقول، من الأحقاد والحروب والدمار …
أهلاً وسهلاً بكم، على الأرض المسيّجة بالعذراء،
والمكرسة لإسمها. من أقصى الجنوب حتى أقصى الشمال.
وفي الوسط سيدة المنطرة قرب صيدا، حيث انتظرت العذراء ابنها يسوع.
حتى جعلنا يوم بشارتها، عيداً وطنياً لكل طوائف لبنان ولكل أدياننا الإبراهيمية.
في ظاهرة لم يعرفها أي بلد آخر في العالم.
أهلاً وسهلاً بكم، على الأرض، التي من بعض مائها المتدفق من حاصباني الجنوب، تعمّد يسوع في نهر الأردن …
لبنان ليس مجرد أرض تاريخية، بل موطن القديسين العظام، ومنهم القديس شربل الذي ستزورون مقامه المبارك، كرّمه الله بعطايا ومعجزات امتدت لكل البشر، دون تمييز بين الأديان، مظهراً وحدة الشعب اللبناني وإيمانه العميق
هذا هو لبنان الذي يستقبلكم اليوم يا صاحب القداسة.
لبنان الذي تكوّن بسبب الحرية ومن أجلها.
لا من أجل أي دين أو طائفة أو جماعة.
وطن الحرية لكل إنسان. والكرامة لكل إنسان.
وطن فريد في نظامه، حيث يعيشُ مسيحيون ومسلمون، مختلِفين، لكنْ متساوين.
في نظامٍ دستوري قائم على التساوي بين المسيحيين والمسلمين. وبالانفتاح على كل إنسان وضمير حر.
هذه فرادة لبنان في العالم كله. وهذه دعوته لكل الأرض.
ومن هنا واجبٌ الإنسانية الحية الحفاظِ على لبنان. لأنه إذا سقطَ هذا النموذجُ في الحياة الحرة المتساوية بين أبناء ديانات مختلفة، فما من مكانٍ آخرَ على الأرض، يَصلحُ لها.
وكما قلت في نيويورك، أكرر من بيروت: إذا زالَ المسيحيُ في لبنان، سقطت معادلة الوطن، وسقطت عدالتُها.
وإذا سقطَ المسلمُ في لبنان، اختلت معادلة الوطن، واختلّ اعتدالها.
وإذا تعطل لبنانُ أو تبدل، سيكونُ البديلُ حتماً، خطوطَ تماسٍ  في منطقتِنا والعالم، بين شتى أنواعِ التطرّفِ والعنفِ الفكري والمادي وحتى الدموي.
هذا ما أدركه الكرسي الرسولي دوماً.
ولهذا رفع قداسة بولس السادس صوته باكراً دفاعاً عن وحدة لبنان وسيادته.
كما خلّد القديس يوحنا بولس الثاني لبنان في ذاكرة العالم بقوله التاريخي
“لبنان أكثر من بلد. إنه رسالة في الحرية والتعددية معاً، للشرق كما للغرب”.
قبل أن يكرس سابقة كنسية استثنائية، بتخصيص سينودس عام، خاص للبنان.
وهو من قال عنا قبل 40 عاماً، بأن وجود المسيحية الحرة في لبنان، شرط لاستمرارها وازدهارها في كل منطقتنا.
ونحن نجزم اليوم، بأن بقاء هذا اللبنان، الحاضر كله الآن من حولكم، هو شرط لقيام السلام والأمل والمصالحة بين أبناء ابراهيم كافة.
وصولاً إلى قداسة البابا بنديكتس السادس عشر، زائر المحبة والحكمة، الذي أكّد من بيروت، أن مستقبل الشرق لا يمكن أن يُبنى إلا بالشراكة والتعددية والاحترام المتبادل. وكانت خطوته بالغة الدلالة والرمزية، بأنه لم يعلن الإرشاد الرسولي الخاص بالشرق الأوسط، إلا من لبنان.
وها نحن نستقبلكم يا صاحب القداسة رابعَ خليفةٍ لبطرس يزور وطننا ، في خطوة لا تقل بلاغة في الرسالة والدلالة. إذ أردتم أن يكون لبنان، أرض زيارتكم البابوية الأولى خارج روما. فجئتم إليه مباشرة من نيقيا، من أرض قانون الإيمان، في ذكراه الألف وسبمعمئة.
لتؤكدوا مجدداً إيمانكم بنا. ولنجدد معاً إيماننا بالإنسان.
جئتم إلى أرض الكنائس التي وصفتموها بالشهيدة.
لتزرعوا فينا الرجاء، ولنحولها شاهدة على القيامة.
جئتم إلينا يا صاحب القداسة، لنقرأ في وجهكم المضيء، كلماتكم الرائعة في رسالتكم العامة الأخيرة، “لقد أحببتك”،
بأن لمس جرح مقهور على الأرض، هو كلمس جراح يسوع في التاريخ
وفي أرضنا اليوم، وأرض منطقتنا، الكثير من القهر، والكثير من المتألمين. وجراحهم تنتظر لمستكم المباركة. وتتطلع إلى سماع وإسماع صوتكم العظيم الشجاع.
صاحب القداسة، أبلغوا العالم عنا، بأننا لن نموت ولن نرحل ولن نيأس ولن نستسلم.
بل سنظل هنا، نستنشق الحرية، ونخترع الفرح ونحترف المحبة، ونعشق الابتكار، وننشد الحداثة، ونجترح كل يوم حياة أوفر …
أبلغوا العالم عنا، بأننا باقون مساحة اللقاء الوحيدة، في كل منطقتنا، وأكاد أقول في العالم كله. حيث يمكن لهذا الجمع أن يلتقي حول خليفة بطرس. ممثلين متفقين لكل أبناء ابراهيم، بكل معتقداتهم ومقدساتهم ومشتركاتهم …
فما يجمعه لبنان، لا يسعه أي مكان في الأرض.
وما يوحده لبنان لا يفرقه أحد.
بهذه المعادلة يعيش لبنان في سلام مع منطقته، وفي سلام منطقته مع العالم.
ومن الآن حتى يسمع المعنيون ويقتنعوا، لا خوف علينا صاحب القداسة. فبصلاتكم ودعائكم، وبإيماننا بحقنا ووطننا، باقون هنا، أبناء الرجاء. وأبناء القيامة. باقون هنا. نور الشرق ومنارته وملح أرضه. وباقون هنا، رسل محبة وخير.
فمنذ البداية وحتى النهاية، نحن تلاميذ من أوصانا ألا نخاف. وأن نثق به. لأنه بمحبته وسلامه غلب العالم.
ونحن شهود على ذلك وعاملون لتحقيقه.
عاشت المحبة
عاش السلام
عشتم يا صاحب القداسة
عاش لبنان

افرام للبابا: لبنان برسالته ودوره يفتح قلبه لقداستكم

كتب النائب نعمة افرام عبر حسابه على منصّة “أكس”: 

“أهلاً بقداسة البابا لاوون الرابع عشر في لبنان. زيارة تحمل رجاءً متجدّدًا لوطننا، وتذكّرنا بأن قوة الإيمان يمكن أن تمنح شعبنا شجاعة العبور إلى زمن أفضل. لبنان، برسالته ودوره، يفتح قلبه لقداستكم”.

بالصّورة – الموت يفجع نائب الكتائب

غيّب الموت السيّد رائيف مخايل حنكش والد النائب الياس حنكش.

وقد نعاه النائب حنكش على حساباته عبر مواقع التواصل فكتب: “وداعاً لأعظم رجل في حياتي”.

يحتفل بالصلاة لراحة نفس الفقيد الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الاثنين الأول من كانون الأول 2025 في كنيسة مار عبدا – روميه (المتن).

تقبل التعازي أيام الأحد 30 الجاري، ويوم الاثنين الأول من كانون الأول 2025 قبل الدفن وبعده ويوم الثلاثاء 2 كانون الأول 2025 في صالون كنيسة مار عبدا – روميه (المتن) ابتداءً من الساعة الحادية عشرة من قبل الظهر وحتى الساعة السادسة مساءً.

حادث مؤسف يطال النائب افرام قبيل زيارة الحبر الأعظم… فهل يشارك؟

عُلم أنّ النائب نعمة افرام تعرّض لحادثة انزلاق أثناء قيامه بجولةٍ تفقديّة في إحدى المنشآت الصناعيّة، ما أدّى إلى كسرٍ بليغ في رجله.

فهل يحول هذا الطارئ المستجدّ، دون مشاركته في عددٍ من الفعاليّات الرسميّة والروحيّة المتّصلة بزيارة قداسة الحبر الأعظم البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان خلال الأيام الثلاثة المقبلة؟

إعلامي لبناني شهير يحتفل بخطوبته.. شاهدوا الصور والفيديو

احتفل الإعلامي رامز القاضي بخطوبته على الشابة نورهان بو شقرا بأجواء رومانسية.

وانتشرت فيديوهات وصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمناسبة الجميلة.

رسالة يحملها البابا الى لبنان.. وهذه خلاصتها

لبنان بكلّ مكوّناته وأطيافه ومستوياته السياسية والروحية، يستقبل غداً، البابا لاوون الرابع عشر في زيارة تاريخية، تتزامن مع ظرف هو الأصعب في تاريخ هذا البلد، ولعلّها تشكّل نقطة جمع للبنانيِّين بكل طوائفهم وانتماءاتهم، وفرصة لالتقائهم على كلمة سواء، توحّد في ما بينهم، ويتشاركون في تحدّي واقعهم المرير، وحماية بلدهم وتحصينه أمام ما تشهده المنطقة من صراعات ومتغيّرات، وتُجنّبه عواصف حربية تلوح في أفقه، وتتهدّد حاضره ومستقبله.

البابا وكما نُقل عنه، رأى في الوضع اللبناني ما يدعو إلى القلق البالغ، وأنّ الرسالة التي يحملها، خلاصتها حَثّ الجميع على «إيجاد سبل للتخلّي عن استخدام السلاح كوسيلة لحلّ المشاكل»، وعلى «التكاتف والاحترام المتبادل والجلوس إلى طاولة الحوار، والعمل معاً لإيجاد حلول للمشاكل التي تؤثّر علينا»، ونُقِل عنه قوله «إنّنا نحتاج إلى تشجيع الجميع على السعي إلى السلام، لأنّ العنف غالباً ما يحدث نتيجةً للظّلم. لذلك على الجميع أن يعملوا معاً من أجل مزيد من الوحدة، واحترام جميع الناس وجميع الأديان».

أمطار وثلوج في الطريق إلى لبنان في هذا اليوم

يؤثر على لبنان مرتفع جوي مع استقرار بالأحوال الجويةلغاية يوم غد السبت، يليه منخفض جوي فوق البحر الأسوديوم الأحد ويضعف يوم الاثنين ويحمل معه أمطارا تكونغزيرة أحيانا الأحد مع انخفاض بدرجات الحرارة.

تفاصيل طقس اليوم على الشكل التالي:

الجو: مستقر قليل السحب نهارا

-الحرارة: بين ١٩ و٢٧ درجة ساحلا، بين ٨ و٢٤ درجة بقاعاً وبين ١١ و٢٢ درجة على الـ١٠٠٠ متر

الرطوبة السطحية ساحلاً: بين ٤٠ و٧٥٪

الرياح شمالية وسرعتها بين ١٠ و٤٠ كم/س تنشط جبلا

الضغط الجوي السطحي: ١٠٢٠ hpa

الانقشاع: جيد

حال البحر: منخفض الموج (٥٠ سم) وحرارة سطح المياه ٢٤ درجة.

تفاصيل طقس اليومين المقبلين على الشكل التالي:

السبت: الطقس مستقر وغائم جزئيا بسحب مرتفعة ودرجات الحرارة تتراوح على الشكل التالي: بين ١٩ و٢٦ درجة ساحلا، بين ٨ و٢٣ درجة بقاعاً وبين ١١ و٢١ درجة على الـ١٠٠٠متر، فيما الرياح شمالية وسرعتها بين ١٠ و٤٠ كم/س.

سفير سابق لدى الكرسي الرسولي يطلب من قداسة البابا رفع الظلم عن الاب منصور لبكي

رسالة مفتوحة إلى قداسة البابا لاوون الرابع عشر
أبانا الأقدس

لأنني لا أستطيع مقابلتك شخصيًا خلال زيارتك للبنان، أتوجه إليك بهذه الرسالة المفتوحة.
بصفتي مسيحيًا، ومواطنًا لبنانيًا، ودبلوماسيًا، لا يمكنني الصمت في وجه ظلمٍ فادح، أعرف تفاصيله، للأسف.
هناك أوقاتٌ في الحياة يصبح فيها الصمت جريمة، ومن يلتزم الصمت يصبح شريكًا. لذلك أشعر بواجبٍ مقدسٍ أن أتكلم علنًا.

أودّ هنا أن أذْكُرْ الأب منصور لبكي، الذي أعرفه شخصيًا منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين كان يقيم في سانت لويس بولاية ميسوري، ليترجم التراث الموسيقي الماروني إلى الإنجليزية. كُنتُ، حينها أعمل في السفارة اللبنانية بواشنطن العاصمة، وهناك نشأت صداقة عميقة غذّاها الإيمان وهدف مشترك: خدمة الله ولبنان.

على مر السنين، شهدتُ الأثر الروحي والرعوي والفني لهذا الكاهن الاستثنائي. لم يُقدّم الأب لبكي نفسه لنا قطّ كـ”مونسنيور”، بل كخادم. يداهُ المُنهكتان من العطاء، أبتا أن تجفا، وقلبُه المجروح، من كثرة المِحَن، أبى أن يقسو.
غذّت برامجه الإذاعية اليومية على”نورسات” إيمان آلاف العائلات في لبنان والعالم العربي وفي جميع أنحاء الشتات. خلّف وراءه إرثًا يضمّ أكثر من 500 ترنيمة ونحو عشرين كتابًا، مُشبعًا بإيمان حيّ ومحبة للمسيح قادرة، على حدّ تعبيره، على “محو دموع الكراهية.”

خلال الحرب الأهلية، احتضن أيتامًا من جميع الأديان، ووفر لهم منزلًا في فرنسا حيث علّمهم التسامح سبيلًا لإعادة بناء حياتهم. ومن هذه التجربة، وُلد عرض “كفرسما” (قرية في الجنة)، الذي قدّمه هؤلاء الأيتام أنفسهم في عدة مدن أوروبية، والذين لُقّبوا لاحقًا بـ”سفراء لبنان الصغار.”
بفضل هذا التحدي التربوي، أصبح هؤلاء الأطفال، الذين كانوا محطمين في السابق، كهنة وممرّضين ومحامين ومعلمين وجنودًا – بناة سلام يخدمون وطنهم.

لاحقًا، في لورد، بنى الأب لبكي “بيت مريم – نجمة الشرق”، وهو دار استقبال للحجاج الناطقين بالعربية، وقد إفتتحه حينها الكاردينال ساندري.

في تلك اللحظة، وفي الوقت الذي كان الفاتيكان يُعلن فيه سياسة “عدم التسامح” مطلقًا مع جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، رُفعت دعوى قضائية ضده – وهي مصادفة مُقلقة، إن لم تكن مُريبة.
بعد أن اطلعتُ شخصيًا على هذا الملف، اكتشفتُ العديد من العيوب والتناقضات، بالإضافة إلى شبكة من النوايا الخبيثة.
قالت إحدى الشاكيات، “المسؤولة عن بيت لورد” أمام الشهود:

أبي سيُخضعه “”
بعد أن أراد الأب لبكي أن يُوكل إدارة بيت مريم إلى راهبات لبنانيات. مع ذلك، لم يكن الأمر سوى هذا.

في عام ٢٠١٨، حظيتُ بشرف لقاء خاص مع البابا فرنسيس، الذي عرضتُ عليه هذه القضية. شرحتُ له أن الأب لبكي لم يُسمح له قط بالدفاع عن نفسه، لا في فرنسا، ولا في الفاتيكان، ولا في لبنان.
“دائرة عقيدة الإيمان” (DDF) هددته بالحرمان الكنسي إذا لم يسحب دعواه المدنية في لبنان ضد متهميه.
رغم جهودي، لم أتمكن من مقابلة الكاردينال “لاداريا”رئيس الدائرة: قيل لي ببساطة “– وللأسف “إنّه متعبٌ بسبب العمر”

لاحقًا، أثناء مغادرتي منصبي، التقيتُ بالأب الأقدس مجددًا. حملتُ لهُنسخًا عديدة من كتابه “الله شاب” طالباً إهداءه لأبنائي وبعض الأصدقاء. بقيت نسخة أخيرة. قلتُ للأب الأقدس:

ينقصني كتابٌ لكاهنين عزيزَين على قلبي: مرشدي الأب سيزار موراني الكرملي، والأب لبكي، الذي تحدثتُ عنهما معكم.
أخذ البابا الكتاب، وفتحه، وكتب بخط يده:
“إلى الأب لبكي، مع بركتي. فرنسيس.”

أيها الأب الأقدس، دعني أشرح لك الأمور الأساسية.
كان التحقيق الذي أجرته دائرة باريس مُدانًا تمامًا: لم يُستمع إلى شهود مؤيدين للأب لبكي.
لماذا لم يُستجوب أبناء رعيته في الدامور ولا الأيتام الذين أنقذهم؟ لماذا تجاهلوا شهادات من يشهدون على إستقامته ورحمته؟
تُثبت الحقائق أنهم أرادوا إدانة رجل قبل حتى الاستماع إليه.

اتسمت المحاكمة الجنائية في فرنسا، التي عُقدت غيابيًا، بالتحيز أيضًا: إذ تغيب اثنان من أصل ثلاثة مدعين، ولم يُقبل أي شاهد دفاع، رغم طلب ثمانين منهم
مُنحت ثلاث عشرة ساعة للادعاء، بينما لم تُمنح للدفاع سوى بضع دقائق. فهل يُسمى هذا عدالة؟

في الفاتيكان، أُحيل الأب لبكي إداريًا إلى الحالة العلمانية، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، رغم أدلة الزور. ومع ذلك، بتواضعه، تقبّل القرار قائلًا:

“الكنيسة هي أمي. لا أريد أن أعارضها.”
انزوى في صمت، وعاش عشر سنوات من المنفى الداخلي، كتب خلالها “وردية أيوب” – كتاب إيمان مؤثر، شهادة على حبه الثابت للكنيسة، رغم جرح الظلم.

يكشف كتاب صدر اليوم في فرنسا بعنوان “قضية في الفاتيكان لم يكن لها لزوم”
Une affaire de trop au Vatican
(Éditions Les Impliqués)، بفضل رسائل بريد إلكتروني مسروقة بين المدعين، عن وجود مؤامرة حقيقية. يُسلّط هذا الكتاب الضوء على الانتهاكات القانونية والتشهير المتراكم.
في مواجهة هذا الكمّ الهائل من المخالفات، فإنّ النتيجة العادلة الوحيدة هي إعادة المحاكمة.
ليس الأب لبكي وحده من يحتاج إلى الحقيقة، بل الكنيسة نفسها.

كتب القديس أوغسطينوس، قدوتك، يقول:

“لقد أنجب الرجاء طفلين جميلين: الغضب والشجاعة.
الغضب ضد الظلم، والشجاعة لتغييره.”

بهذه الروح، أيها الأب الأقدس، أُوجّه إليك هذه الرسالة بغضبٍ على الظلم، ولكن بشجاعةٍ في الإيمان.
لأنك ذكّرتَ مؤخرًا أن 10% من الاتهامات الموجهة للكهنة باطلة، وأن علينا حماية من يعانون ظلمًا.
فأنا على يقين، مثل الغالبية العظمى من اللبنانيين، أن الأب منصور لبكي من أوائل هؤلاء الكهنة الأبرياء.

مع خالص احترامي ومودتي،

كنعان يؤكد أن أموال الناس لم تتبخّر من دون مسؤول و يسأل ديوان المحاسبة: أين البت بالحسابات المالية والتوظيف العشوائي؟

عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وتابعت فيها دراسة مشروع موازنة 2026، بحضور النواب: الان عون، فؤاد مخزومي، بلال عبد الله، طه ناجي، حسن فضل الله، أمين شري، سليم عون، رازي الحاج، غادة أيوب، إيهاب مطر، حليمة قعقور، ملحم خلف، فراس حمدان، راجي السعد، أشرف بيضون، قاسم هاشم، سيزار أبي خليل.

كما حضر مدير عام المالية جورج معراوي، مدير الواردات في وزارة المال لؤي الحاج شحادة، مديرة الموازنة في وزارة المال كارول أبي خليل الفغالي.

وبعد الجلسة قال كنعان “تابعنا اليوم مناقشة مواد الموازنة، وقد وصلنا الى المادة 41، ويبقى لدينا 4 مواد لإنجاز مشروع القانون بما يتعلّق بالمواد، ومن المتوقّع أن ننهي ذلك في جلسة الأربعاء المقبل، لننتقل بعدها الى اعتمادات الوزارات والمؤسسات العامة التي سنستدعيها”.

اضاف ” في جلسة اليوم، جرى تعليق عدداً من المواد التي لها علاقة برفع بعد الشطور والسقوف بما يتعلّق بضريبة الدخل والضريبة على القيمة المضافة، وطلبنا من وزارة المال إعادة صياغة هذه المواد، لطرحها في الجلسة الأخيرة الأربعاء المقبل”.

وأعاد كنعان التذكير بالعمل الرقابي الذي تقوم به لجنة المال والموازنة والذي على القضاء متابعته من دون اجتزاء. وقال ” هناك من يراهن على ضعف ذاكرة الرأي العام، بينما العكس هو الصحيح. وقد احلنا كلجنة المال الى ديوان المحاسبة منذ سنوات مخالفات وتجاوزات مالية وصلت الى 27 مليار دولار، تتعلّق بقطوعات الحسابات والحسابات المالية التي دققنا بها ما بين الـ2010 والـ2017. وهذا الملف لا يستثني أياً من الحكومات المتعاقبة، ولا الوزراء الذين كان لهم الدور بهذه العملية. وسؤالي اليوم هو التالي: اين أصبح ديوان المحاسبة بالبت بالملف؟ لاسيما أن القضاء المتأخّر يعني غياب العدالة”.

اضاف “نثني على أي جهد تقوم به السلطات الرقابية التي تحاول وضع النقاط على الحروف ببعض الملفات، لكننا نطالب بقوة أيضاً وبالكثير من التشدد في الملفات التي أحلناها في لجنة المال والموازنة والتي تابعتها وزارة المال وأقرت بها وارسلتها في العام 2019 الى ديوان المحاسبة”.

وتابع “اما الملف الثاني، فهو ملف التوظيف العشوائي الذي دققنا به في لجنة المال والموازنة على مدى 8 أشهر بين 2018 و2019، وتبيّن لنا أكثر من 5000 وظيفة خلافاً للقانون ومن دون مراعاة التوصيف الوظيفي القانوني. إضافة الى أكثر من 33 ألف تعاقد على مدى سنوات لا يراعي التوصيف الوظيفي القانوني. كلّ ذلك وهناك من يعود ويتحدّث عن الرواتب، بينما المشكلة ليست بالراتب، بل بالتوظيف السياسي الذي يدخل أناساً الى ملاك الدولة لا يعملون، ويستخدم القطاع العام لمآرب سياسية وانتخابية. وعندما وضعنا تقريرنا في العام 2019، تبيّن أن كل القوى السياسية تكاد تكون متساوية في هذا العمل، باستثناء وزارة أو وزارتين”.

وأكد كنعان أن “العدالة الفاعلة والرقابة الفاعلة تتطلّب من القضاء القيام بعمله. فلجنة المال لا تحل محل حكومة لا تحترم القانون وقضاء لا يتحرّك بالتقارير التي تحال اليه، والتوصيات التي تصدر عن اللجنة النيابية، ويخرج من يسأل عنها رئاسة لجنة نيابية، على غرار لجنة المال، قامت بما لا يعمل منذ العام 2010، بشهادة الجميع، وبشهادة المجتمع الدولي”.

اضاف “الملفات التي تنام هي التي تساعد وتساهم في استمرار الضرر. فالقضاء ضروري، ومراجعته واجب وليست جريمة، ويجب أن يتحرر القضاء من مكل الضغوط. فمن أوصل الى ما وصلنا اليه هو كل من اتصل من المعنيين الكبار وتدخل لايقاف ملف والقول “هيدي بتمشي وهيدي ما بتمشي”.

وقال “أتحدث بهذه الصراحة ليعي الرأي العام حقيقة الأمور. وهذا الكلام ليس جديداً بالنسبة لي، وليس موسمياً، بل لطالما قلته، وطالبت بالتدقيق، وحوّلت ملفات، على مدى سنوات الى القضاء. لذلك، تكفينا المزايدات والشعارات. ونحن مع كل عمل جدّي، ونؤيّد كل ما يقوم به القضاء لمكافحة الفساد، ولكن عليه أن يكون كاملاً وشاملاً، ويذهب الى السبب الرئيس للانهيار المالي. فأموال الناس لم تتبخّر من دون مسؤول، بل بسبب الهدر الذي ارتبط بالمال العام، وأموال الناس دينت الدولة اللبنانية والعجز لتسكيره. وقد رفعنا الصوت بوجه هذه الممارسات، وأحلنا وراقبنا، ولكننا لا يمكن أن نحل محل القضاء ومسؤوليات وصلاحيات السلطة التنفيذية بكل حكوماتها المتعاقبة من دون استثناء”.