توقعت مصادر مالية لـ”الانباء” أن يستمر إنخفاض الدولار حتى نهاية الاسبوع، لكنها رأت ان ذلك لن يكون له أي تأثير على الأزمة الإقتصادية بسبب الإرتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية والتهافت عليها من دون ان يكون هناك خطة واضحة للجم إرتفاع الدولار. فيما كان لافتا أن اسعار السلع المختلفة التي ارتفعت بشكل هائل حين وصل الدولار الى سعر 10 آلاف ليرة، لا تزال كما هي لا بل تزداد رغم تراجع سعر الدولار الى نحو 7000 ليرة، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول غياب وزارة الاقتصاد قي مراقبة الاسواق، وعن فشل خطتها المتمثلة بدعم سلة من المواد الأساسية.
اقل من 6000 ليرة! من جهتها، اشارت “الاخبار” الى ان الدولار انخفض إلى ما دون الستة آلاف ليرة. هذا ما تشير إليه التطبيقات الإلكترونية، التي تحوّلت إلى متحكم في السوق. لكن مع ذلك، فإن هذا السعر يبقى غير قابل للتداول إلا لشراء الدولارات من قبل الصرافين. أما العكس، أي بيعهم للدولار بهذا السعر فيبقى متعذراً، ومحدوداً (اشترى عدد من الأفراد مبالغ ضئيلة من الدولارات – أي أقل من ألف دولار – بـ5800 ليرة للدولار الواحد). الأهم أن الانخفاض يبدو مستمراً، وسط الحديث عن قرار بإعادته إلى سعر يقارب أربعة آلاف. هذا خبر كفيل بدعوة الناس، أو من يخزّن منهم الدولارات، إلى البيع تجنباً للمزيد من الخسائر. لكن في المقابل، فإن غياب الثقة يجعل حركة البيع محدودة، انطلاقاً من أن التخفيض سياسي وغير مبني على وقائع سوقية حقيقية، إضافة إلى لجوء صرافين أمس إلى إعادة رفع السعر إلى ما فوق الـ7500 ليرة.
اسباب الانخفاض: كثر يثقون بأن للسياسة وصراعاتها دوراً في تخطي الدولار لأي سعر منطقي. لكن مع ذلك، فقد يكون هنالك بعض العوامل التي ساهمت في تخفيض السعر، وأبرزها افتتاح المطار، مع توقعات بدخول 5 ملايين دولار يومياً عبر المغتربين، ثم توسيع السلة الغذائية المدعومة على سعر 3850 ليرة. وهو ما أدى عملياً إلى زيادة المعروض من العملة الأميركية مقابل تخفيف ضغط التجار على طلب العملة من السوق السوداء.
وتداخلت خلال نهاية الاسبوع مجموعة عوامل ومعطيات دفعت بعض الاوساط السياسية والمعنية الداخلية عبر “الجمهورية” الى التفاؤل بإمكان دخول الازمة المالية والاقتصادية المتفاقمة اجواء ايجابية تفتح الطريق امام معالجات ناجعة لها، حيث إنخفض سعر الدولار الاميركي في السوق السوداء الى ما دون الـ6 آلاف ليرة، بعدما كان بلغ 10 آلاف ليرة، ويبدو انّ هذا الانخفاض، في رأي هذه الاوساط، يستند الى مجموعة معطيات محلية واقليمية ودولية منها: أولاً، إستئناف المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي.
وثانياً، المواقف الاميركية الأخيرة التي تؤكّد الاستعداد لمساعدة لبنان على تجاوز الازمة التي يمرّ بها. وثالثاً، زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الجمعة المقبل للبنان، والتي استبقها بمواقف تستبطن الاستعداد الفرنسي للمساعدة. ورابعاً، التوقعات بمبادرة عدد من دول الخليج العربي، وعلى رأسها الكويت وقطر، لتقديم مساعدات للبنان، لتمكينه من تجاوز المرحلة الصعبة التي يمرّ بها.
ويُتوقع ان تتبلور طبيعة الموقف الكويتي مع عودة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم من الكويت اليوم، التي كان توجّه اليها امس، ناقلاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، على أن تكون له لقاءات مع مسؤولين كويتيين كبار آخرين.
وكان ابراهيم وصل الى العاصمة الكويتية مساء أمس، وكان في استقباله مدير الديوان الأميري.
ولبّى ابراهيم مساء دعوة رئيس مجلس الأمّة الكويتي مرزوق الغانم الى عشاء أقامه على شرفه في حضور عدد من المسؤولين الكويتيين الكبار يتقدّمهم نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية، على ان يلتقي امير الكويت اليوم ثم يعود الى بيروت.
وفيما تحدثت معلومات عن اسباب سياسية وراء الانخفاض تتعلق بقرار سياسي ونقدي في هذا الاتجاه، استبعدت مصادر متابعة هذا الامر، خصوصاً انّه فيما لو كان هذا الامر صحيحاً، فإنّه يُعتبر بمثابة مضبطة اتهام في حق من يدّعي القدرة على خفض الدولار اليوم، لأنّ ذلك يعني انّه كان مسؤولاً عن ارتفاعه طوال الفترة الماضية. لكن الواقعية تقتضي الاعتراف بأنّ هذا الامر مستبعد، وبالتالي، وبرغم وصول سعر صرف الدولار الى 6800 ليرة امس، فانّ احتمالات تغيّر المشهد فجأة والعودة الى الارتفاع مجدداً لا يمكن أن تكون مستبعدة.
السعر الحقيقي
لكن مصادر رسمية ابدت لـ”الجمهورية” ارتياحها الى الانخفاض المتلاحق في سعر الدولار، متمنية أن يواصل سلوك هذا المنحى وعدم تسجيل انتكاسات سلبية مجدداً، الى ان يستقرّ في نهاية المطاف على سعره الحقيقي.
ولفتت المصادر إلى أنّه ثبت انّ انتفاخ قيمة الدولار خلال الفترة الماضية كان، في جزء منه، متأتياً من ورم سياسي، نتيجة استخدام البعض العملة الخضراء في معركة احراج الحكومة وتأليب الناس عليها، سعياً الى اسقاطها، “وبالتالي يؤمل في أن يدفع فشل مشروع تغيير الحكومة البعض الى الاقتناع بأنّها باقية، والكف عن توظيف الدولار في حساباتهم ورهاناتهم السياسية”.
واشارت المصادر، إلى أنّ من العوامل التقنية التي ساهمت أيضاً في لجم سعر الدولار، التدابير التي اتخذتها الحكومة، ومن بينها السلة الغذائية المدعومة التي خففت الطلب على الدولار في السوق السوداء، وعودة بعض المغتربين الذين ضخّوا دولارات في السوق.
وعلّقت المصادر الرسمية أهمية على المساعي التي تُبذل للحصول على دعم عراقي وكويتي وقطري للبنان، لافتة إلى انّه اذا تمّ الاتفاق على مدّ لبنان بنفط مخفوض السعر ومؤجّل الدفع، فمن شأن ذلك أن يريح الدولة، حتى إشعار آخر، من وطأة فاتورة سنوية مقدارها نحو ملياري دولار.
وكشفت المصادر، “ان هناك تقديرات بوجود ما يزيد عن 5 مليارات دولار في منازل اللبنانيين”، مشدّدة على “أنّ الاستعادة التدريجية للثقة ستشجع هؤلاء على الإفراج عن مدخّراتهم وتحويلها تباعاً الى الليرة، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على العملة الوطنية والوضع الاقتصادي”.