في مقابلة مطوّلة وحادة اللهجة مع الإعلامية سوزان حوراني عبر أثير “صوت الغد” في سيدني – أستراليا، قدّم عضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” المحامي وديع عقل قراءة شاملة للمشهد اللبناني، كاشفاً عن ملفات معقّدة تتداخل فيها السياسة بالقضاء، والاقتصاد بالأمن، والاغتراب بالداخل اللبناني.
المقابلة انطلقت من مقاربة شاملة للتطورات الإقليمية، وما تحمله زيارة البابا ليو الرابع إلى بيروت من دلالات روحية وسياسية، في ظل مرحلة توصف بأنها الأكثر دقة في تاريخ لبنان الحديث، مع استمرار الأزمات الاقتصادية والمالية والأمنية، وتعقّد ملفات حساسة كملف سلاح “حزب الله”، والودائع، والاستحقاق الانتخابي.
عقل أكد في مستهل الحديث أن “لبنان يعاني بشدة”، معتبراً أن الأزمة الراهنة غير مسبوقة وغير محدّدة السقف الزمني. ولفت إلى أن اهتمام اللبنانيين في الاغتراب، خصوصاً في أستراليا، ينصبّ على شكل الانتخابات المقبلة—هل ستُجرى على أساس 128 نائباً أو يتم حصر تصويت المغتربين بستة مقاعد؟—لكن الأهمّ برأيه هو برنامج المرشحين ومحاسبة من قصّر في أداء واجباته.
وشدّد عقل على أن اللبنانيين يعيشون يومياتهم بعيداً عن صراعات الإقليم، بينما لا يملك السياسيون اللبنانيون أي تأثير فعلي على المسار التفاوضي الدائر حول لبنان، في حين تتحرك القوى الإقليمية والدولية وفق مصالحها، “وإسرائيل لا ترى نفسها معنية بأي طرح لبناني كونها تعتبر أنها رابحة ميدانياً وسياسياً”.
كما انتقد غياب التجاوب الدولي في ملف إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن الوعود العربية والدولية التي أعقبت انتخاب الرئيس جوزيف عون “لا تزال حبراً على ورق”.
وفي ملف الودائع، كان عقل واضحاً:
“لا ثقة، ولا اقتصاد، ولا دورة مالية من دون إعادة أموال الناس”. وأشار إلى أن لبنان يعيش للسنة السادسة على التوالي اقتصاداً نقدياً يرفضه المجتمع الدولي، فيما التحويلات تخضع لرقابة مشددة بفعل “سلاح حزب الله والاقتصاد الموازي”.
كما شدّد على ضرورة تطبيق القوانين المرتبطة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، محذراً من استمرار ثقافة الإفلات من العقاب منذ نهاية الحرب الأهلية حتى اليوم.
وتوقف عقل عند تفاقم الهجرة، لاسيما لدى الشباب والمسيحيين، محذراً من فقدان التوازن في تركيبة العديد من القرى، في ظل تضخم أعداد النازحين السوريين. وذكر أمثلة عن بلدات بات عدد النازحين فيها يفوق بأضعاف عدد سكانها الأصليين، داعياً إلى “حلّ واضح وجريء”.
وتطرّق إلى ملف العقارات العائدة للبنانيين في الاغتراب، ولاسيما في أستراليا، والتي تتعرض وفق قوله لعمليات تزوير وبيع غير قانوني، موضحاً كيفية حصول هذه العمليات وما تسببه من نزاعات قانونية “حين تصل الملكية إلى مشترٍ ثالث حسن النيّة”.
كما دعا عقل إلى اعتماد التكنولوجيا والعمل عن بُعد كمسار أساسي لخلق فرص عمل في المناطق اللبنانية، مشيداً بمبادرات شبابية لبنانية في سيدني تتعاون مع شركات لبنانية عبر الإنترنت.
وانتقد قلّة الموارد البشرية داخل القنصليات اللبنانية، ما ينعكس على إنجاز معاملات اللبنانيين في الاغتراب، مشدداً على ضرورة التفكير جدياً باعتماد التصويت الإلكتروني للمغتربين أسوة بالعديد من دول العالم.
وفي ختام المقابلة، عرض عقل أبرز الهواجس التي لمسها لدى اللبنانيين في أستراليا:
• تفاقم الهجرة وفقدان التوازن الديموغرافي.
• ملف النازحين السوريين وتداعياته.
• ضياع الأملاك بسبب التزوير.
• ضياع الودائع وجنى العمر في المصارف اللبنانية.
كما روى قصصاً مؤلمة عن لبنانيين في الاغتراب أعالوا عائلاتهم بالكامل طوال سنوات الأزمة “فيما ودائعهم لا تزال محتجزة”، مشدداً على أن استعادة الثقة تبدأ بإعادة الحقوق لأصحابها.

