انعقد في مدينة جنيف – سويسرا المؤتمر العلمي الدولي الأول حول ثقافة الحوار الإنساني وصناعة السلام. تم التنظيم في جامعة جنيف بمشاركة مؤسسات ثقافية دولية وممثلين عن وزارة الخارجية السويسرية ومنظمة اليونسكو.
في الجلسة الختامية للمؤتمر – 25 أكتوبر 2015 – أطلق المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والإعلام، منظم المؤتمر، مبادرة علمية دولية بعنوان «إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الإنساني 2015»، أول إعلان ثقافي دولي يدعو الى اعتماد الحوار في علاقات المجتمعات البشرية واحترام القيم الإنسانية، أول وثيقة إنسانية دولية شاملة تهدف الى ترسيخ ثقافة الحوار لأجل السلام.
ان من يرصد الأزمات والنزاعات في العالم يكتشف بصورة واضحة أن السبب الأساسي لاندلاعها واستفحالها هو غياب الحوار أو تغييبه وإهمال بناء ثقافة الحوار وشروطها. لذلك كان لا بد لنا من مواجهة هذه المسألة في بُعدها الشامل الثقافي الدولي الحيادي الموضوعي والمستقل، فبادر هذا المركز اللبناني الى تنظيم المؤتمر الدولي الأول وإطلاق هذا الإعلان بإطار موضوعي وحيادي مستقل وفي حرم صرح علمي عريق – جامعة جنيف – عاصمة المنظمات الإنسانية، وذلك بهدف رئيسي هو الحفاظ على الأبعاد العلمية الثقافية الموضوعية المستقلة والحيادية لهذا الإعلان الهام.
أكّدت المرجعيات الثقافية الدولية أنه كان لنا – كلبنانيين وكدولة سويسرا مضيفة المؤتمر على أرضها – أسبقية إطلاق أول إعلان علمي إنساني دولي شامل يدعو الى الحوار والسلام، وذلك لما له من حيثيات موضوعية استراتيجية تماثل حيثيات الإعلانات الدولية الإنسانية المعتمدة في بلدان العالم ومن ضمنها لبنان، خصوصا أن المركز منظم المؤتمر تقصّد عقد المؤتمر في يوم الأمم المتحدة العالمي، 24 أكتوبر 2015، المنظمة راعية القيم الإنسانية الدولية والحوار والسلام بين الشعوب.
ان «إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الإنساني» يشكّل مبادرة علمية إنسانية ونداءً دائماً لتعزيز ثقافة الحوار والقيم الإنسانية في الدول والمجتمعات. لقد تم تسليمه وتسجيله في كل من الأمم المتحدة، رئاسة الكونفديرالية السويسرية، منظمة اليونسكو، مجلس حقوق الإنسان، المفوضية السامية لحقوق الإنسان، اللجنة الدولية للصليب الأحمر – جنيف ، وبالتالي، سيكتسب هذا الإعلان بُعدا استراتيجيا علميا وإنسانيا في المستقبل بعد أن تم البحث في مضمونه في مؤتمرات وندوات علمية ثقافية دولية عديدة في لبنان والعالم، كان آخرها في جامعة القديس يوسف في بيروت – ندوة دولية بعنوان: «إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الإنساني، رؤية وآمال» (4 تشرين الأول 2018).
اعتراف الأمم المتحدة – اليونسكو
لقد أعربت منظمة اليونسكو عن تقديرها العلمي لمضمون هذا الإعلان (**) في رسالة رسمية، مؤكدة أنه يمكن الاعتراف به من قبلها كوثيقة دولية ليكون مرجعا علميا ثقافيا إنسانيا دوليا دائما لترسيخ ثقافة الحوار في المجتمعات البشرية. وقد أوضحت رسالة مديرة اليونسكو أن هذا الاعتراف يمكن أن يتم عند ورود الطلب من بلد عضو في هذه المنظمة الدولية، باعتبار ان اليونسكو تعمل فقط وفق اقتراحات واردة من الحكومات الأعضاء فقط. وبناء عليه: رفع المركز منظم المؤتمر موضوع الاعتراف هذا مع الوثائق ذات الصلة الى كل من: رئاسة الجمهورية اللبنانية، رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية.
ونستخلص لنقول:
ان القيم الإنسانية تجمع البشر وتنظم علاقة الإنسان بثقافة الحوار لتدعو الى العدل والمحبة والسلام.
ان غياب ثقافة الحوار يسبب كوارث إنسانية تؤجج الكراهية والعنف وتضرب الارث الحضاري.
لما كان الشحن الإعلامي التعصبي قد أفضى إلى صناعة شخصية لا إنسانية مشحونة بالكراهية والعدوانية والعنف،
وحيث أن المجتمعات البشرية تحتاج اليوم إلى وضع ميثاق يضبط حرية التعبير ويمنع الإعلام المحرّض على العنف والكراهية،
ولما كان الواقع المأساوي الراهن يشهد تفجُّر نزاعات وأزمات نتيجة نشر أفكار تؤجج الأحقاد وتضرب الضمير الإنساني،
وتأكيدا على أنه يقتضي على النخب الفكرية في العالم أن تواجه حالة الدمار الإنساني الشامل،
وبما أن إنشاء «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار» في لبنان هو إنجاز وطني هام يجب استكماله،
وحيث ان «إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الإنساني2015» هو أول نداء أممي وأول وثيقة علمية شاملة تدعو الى ثقافة الحوار من أجل التسامح والاخاء ونبذ العنف وبناء السلام،
وفي إطار الصلاحيات التي منحتها القوانين المرعية للمرجعيات الثلاث المنوّه عنها أعلاه، رئاسة الجمهورية اللبنانية ، رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والمعتربين:
على الحكومة اللبنانية أن ترسل وثيقة رسمية الى منظمة اليونسكو – وهذا حقها القانوني وواجبها الوطني – والطلب إليها الاعتراف بـ «إعلان جنيف الدولي لثقافة الحوار الإنساني» وتسجيله – وفق النظام الأساسي لعمل المنظمة – كوثيقة علمية إنسانية دولية، الأمر الذي سيشكّل انجازا استراتيجيا للبنان يماثل مشاركته الدولية السابقة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، إنجاز ثقافي دولي يحتاجه الوطن في الظروف الدقيقة الراهنة.

