لقد انحدر الرب إلينا، “فطاطا السموات… واخلى ذاته أخذا صورة عبد”. صبر على آلامه ” واصله منذ القديم منذ الازل”.
عاش على الأرض فقيرا، وحمل طبيعتنا إلى جانب طبيعته الإلهية، وحمل خطايانا وكانت عناصر العظمة عنده من الداخل بالرغم من كل هذا التواضع.
الهنا أتى إلينا متواضعا، انسحق حتى الموت بموته على الصليب،
وهو عالم بأننا سنصلبه ونرزله، مع ذلك مات لأجل مغفرة خطايانا لأنه أحبنا. فصار الصليب “عرش مجده”.
بالصليب وحد يسوع السماء مع الأرض والبشر مع بعضهم، في ذاته.
الصليب كسر شوكة موت الخطيئة وصار انتصارا للحب الإلهي.
الله الذي خلق كل البشر، لأنه محب لنا، أرسل ابنه الوحيد الينا ليموت من أجلنا، لينتشلنا من الخطيئة ويخلصنا، لأن البشرية لم تعد أمينة على حبه لنا.
يسوع صلب وتالم ومات وقام في اليوم الثالث ليجعل موته علامة حب تجاه اطاعة ارادة الله وتجاه البشر أجمعين.
لقد مات عن كل إنسان مهما كان جنسه ودينه وعرقه… “لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية”
الرب بمجيئه وموته على الصليب ونزوله إلى الجحيم وقيامته من بين الأموات يبقى درسا عظيما في المحبة والتواضع و المغفرة والبساطة والوداعة والصبر على الالم لا بالافتخار.
المسيح بموته على الصليب قد غلب الموت والشيطان وفتح الطريق بين الأرض والسماء، وصارت الأرض جزءا من السماء.
في هذا العالم، الأناني، الظالم والجشع الحب مصلوب والحكام ماخوذون بشهوة السلطة والمال والطعام، وشهوة الجسد، لا يعرفون معنى الحب الإلهي الذي ليس له مصالح مع الآخر.
يسوع جاء ليغير البشرية. لقد احبنا وبذل نفسه لأجل خلاصنا، وبارتفاع الصليب اصعدت طبيعتنا البشرية إلى السماء وجلست عن يمين العرش الإلهي. أنه أعظم حدث في تاريخ البشرية وهو جوهر وجودنا:
الهنا الذي نؤمن به تنازل عن عرشه السماوي، وصار ” لعنة” من أجل خلاصنا من الخطيئة وفتح لنا الطريق الى السماء. وسكن جسدنا ليجلسنا عن يمين الاب السماوي، ولكي نصبح نحن ابناء الله بالتبني.
بهذا يكون قد ردم الهوة بين عالم السماء وعالم الأرض وفتح لنا الأبواب نحو السماء. نحو عالم قائمة اساساته على الحب والعدل والسلام. ومهمتنا نحن، ان نحمل رسالته، لنكون شهودا عل قيامته.
الرب أتى من أجل كل محتاج، من أجل الخطاة والعشارين، من أجل منكسري القلوب. خلص الخاطئة والعشار، وشفى المرضى وأقام الموتى. وهو قادر ان يخلصنا مهما عظمت خطايانا.
الرب يعمل كل ما هو حسن.
المسيرة إلى السماء تحتاج إلى إيمان حقيقي بالله، والإيمان يحتاج إلى أعمال صالحة، لكي يتطهر الإنسان من انانيته وفساده.
المسيح شدد على قوة الإيمان.
قوة الإيمان شفت النازفة الدم حين لمسته كاله.
الإنسان ضعيف أمام المرض والجوع والعري وهو لا يعلم أنه لا شيء من دون عمل الله الخلاصي.
المسيح مات على الصليب كفارة لخطايانا، أما البشرية فلم تتجاوب مع عمله الخلاصي.
الرب ينتظر تجاوبنا معه، ولكن رحمته لا تفعل فينا غصبا عنا.
يقول بولس الرسول: “لا تخف من ايها القطيع الصغير، ان كنت واحدا مع الرب يسوع المسيح، مع موته وقيامته، انت غالب مسبقا: المحبة الخاصة اقوى من الموت”
فلا يقلككم الغد، كانكم لم تسمعوا يوما، كلام الرب “على طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد ورب السماء يقوتها”، وزنابق الحقل “التي البسها الرب اجمل الحلل”.
لقد سر الرب ليفتدينا. مات عنا ليخلصنا من خطايانا بواسطة دمه المسفوك على الصليب.
يقول بولس الرسول: “ان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله”.
لقد أراد الله ان يعتق الإنسان من الفساد، أراده ان يتذوق حلاوة الحياة الأبدية في الملكوت الأبدي قال الرب: “ملكوت السموات في داخلكم”
ان جوهر القيامة هو إبادة الموت وإبادة الجحيم: المسيح غلب الموت وحطم سلطة الشيطان.
خاطب البسطاء وعامة الشعب وغفر للخطاة، وانار أعين العميان الذي على الارض وجعلهم يبصرون. والساكنين في ظلال الموت وفي الظلمات ابصروا نوره. وبموته أمات الموت واباد سلطان الشيطان. أما الجحيم “لما استقبله ورأى ألوهيته صاح مرتاعا”.
وبعد اقيامته من الموت كلم الرسل قائلا: “هكذا هو مكتوب وهكذا ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الموت في اليوم الثالث… وانتم شهود لذلك”. يدعونا المسيح لحمل رسالته لنكون شهودا على قيامته.
وهكذا، بالصلب تحقق ملكوت الله، بعد ان خسرناه لعصيان آدم وحواء لإرادة الله، وصار الملكوت في داخلنا، فلنحمله بفرح ، لأنه به ظهرت محبة الله، ومحبة ابنه على الصليب لنا، إذ قدم نفسه فداء عنا بتعليقه على الصليب.
“مع المسيح صلبت، فلست أنا أحيا بل المسيح يحيا فيا”.
طريق القيامة يمر بالصليب،
قال الرب: “ان أراد أحد ان يأتي ورائي فلينظر نفسه ويحمل صليبيه ويتبعني”. الله الذي صالحنا، بيسوع المسيح ” أعطانا خدمة المصالحة”.
فلنتصالح مع بعصنا، ولنغفر ذنوب بعضنا كما الرب غفر للذين ابغضوه بدون سبب.
وهو على الصليب نادى الأب السماوي قائلا: “اغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدون ماذا يفعلون”
المسيح بحياته وبموته وقيامته يعكس المحبة الإلهية والرحمة والصبر على الآلام حيث التضحية والبذل حتى الموت من أجل من نحب.
دم الرافع خطايا العالم، الذي “لا عيب فيه ولا دنس”، طهرنا من دنس الخطيئة وعبوديتها وعبر بنا من الموت إلى الحياة الأبدية.
أتى المسيح من أجل خلاص كل البشرية، ودعوته ليست محصورة بشعب دون الآخر.

