وكأن اللبناني لا يكفيه شر السّياسة وتبعاتها، ها هو يمر اليوم بأصعب أزمة إقتصادية في تاريخه، إلى جانب الوباء العالمي كورونا.
فقد صنّف البنك الدولي لبنان بأنه الأغلى على صعيد المواد الغذائية التي تقسّم إلى خمس فئات، النشويات، منتجات الألبان والأجبان، الفواكهة، اللحوم والخضروات، وذلك بعد دراسة أجراها على ١٩ دولة في المنطقة عينها بين فترة ١٤ شباط ٢٠٢٠ و ١٠ أيار ٢٠٢١.
لا عجب من هذه النتيجة، فالأزمة الإقتصادية تتجلّى بأبهى حللها في المحلات التّجارية والسوبرماركات، فبدل أن تكون أسعار الخضروات، الفواكهة والمنتجات الحيوانية الأرخص بين بلدان المنطقة، نظراً لتمتّع لبنان بمناخ وطبيعة صالحة للإنتاج الزراعي بعدّة أنواعه كما الحيواني، يدفع اللبناني اليوم ثمن هذه المنتجات أضعاف قيمتها ما يُفقده قدرته الشرائية ويحرمه من أغلب المنتجات.
إضافة إلى هذا الغلاء الفاحش، لا تتردد السلطة أبداً في السّيطرة على ما تبقّى من أموال المودعين، وصرفها على دعم منتجات تُهرّب عبر الحدود من جهة وتُحتكر من قبل التّجار من جهة أخرى.
وبالحديث عن صراع الأزمات في لبنان، لا يمكن غض النّظر عن الذل اليومي الذي يعيشه المواطن أمام محطات الوقود وأبواب الصيدليات، وهذا الشّح في الأدوية والمحروقات خلق في بعض المناطق سوق سوداء موازية ليُكمل ما بدأته الدولة من ذل للمواطنين.
وفي ظل هذه الصّورة الضّبابية، بين الدولة الغائبة وجشع التجار، يبقى المواطن اللبناني الضّحية والحلقة الأضعف ويدفع دائماً ثمن فشل السّلطة وفسادها، وهو مهدّد يوماً بعد يوم بلقمة عيشه وتضاؤل قدرته الشرائية.
فبعد أن كان يتباها بغنى سُفرته، أصبح يشتهي اليوم بعض المنتجات الأساسية التي تحوّل شراؤها إلى حلم صعب المنال.
إذاً لبنان في قلب العاصفة ومصير المواطن اللبناني لا يزال مجهولاً، فلا حلول أقلّه على المدى المنظور.
ويبقى الأمل اليوم في الإنتخابات النيابية المقبلة، فهل يتّعظ اللبناني من هذه السنوات الصعبة التي يعيشها ويُغلّب مصلحته على ولائه لزعيمه ويحقّق التغيير المُنتظر؟

