مرّت أسابيع عدّة على حادثة إطلاق حزب الله صواريخ من جنوب لبنان بإتجاه إسرائيل في حادثة أثارت جدلاً واسعاً خصوصاً بعد توقيف أهالي بلدة ” شويا ” في قضاء حاصبيّا عنصر من حزب الله كان يستقلّ آلية تحمل الراجمات التي أطلقت .
وإعتبر أهالي بلدة شويا أن إطلاق صواريخ من بلدتهم وعلى مقربتهم من دون تنسيق مسبق هو أمر خطير بالنسبة إلى سكان خصوصاً في حال ردّ إسرائيل .
وفي قراءة لما حصل ، يبرز بوضوح تراجع شعبية حزب الله لدى شرائح كبيرة من المواطنين اللبنانيين الذين يرون بزجّه لبنان في هذه المعركة أمراً غير ضروريّ في ظلّ انهيار شامل على الجبهات كافّة، سياسيّاً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
كما تسائل بعض المعارضين إن كان حزب الله إستشار البنانيين قبل إتخاذه قرار الحرب أم أناط نفسه في قرار الحرب والسلم الذي يعارضه عدد كبير من اللبنانيين منذ سنوات خصوصاً أن بعضهم يعتبر أن قرار الحزب مرتبط مباشرة في إيران .
وإعتبر الصحافي أسعد بشارة في حديث خاص أن حزب الله أطلق الصواريخ ردا على الغارة التي إستهدفت العمق اللبناني قرب بلدة العيشية في تطوّر هو الأول منذ حرب ال2006 ، ويدّعي الحزب وجود معادلة أراد تثبيتها من خلال إطلاق الصوايخ وهذا ما شهدنا عليه من خلال تعمّد حزب الله في بيانه بعد إطلاق الصواريخ أنه أطلقها إلى أماكن غير سكنيّة ، بالتالي هذه المعادلة لا تزال قائمة وكما في كل مرحلة ما بعد عام ال2000 أي بعد إنسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب حافظ حزب الله بدقّة على الإستقرار على طرفي الحدود ولم يسجّل إلا عمليّة واحدة أدّت إلى حرب ال2006 ليصدر بعدها عن مجلس الأمن الدولي القرار 1701 الذي ضمن الإستقرار على طرفي الحدود ، 15 سنة لم يحصل أي حادث أمني معتبر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وبالتالي إيران ترسل اليوم عبر الجنوب رسائل بأنها هي من تمتلك ورقة الحدود مع إسرائيل وتمتلك ورقة القرار اللبناني كاملاً ولذلك إيران التي تتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركيّة على طاولة فيينا ترسل رسائل من وقت لآخر بأنها قادرة على إستعمال أوراق مؤثّرة ولذلك لا يمكن وضع إطلاق هذه الصواريخ إلا من هذه الزاوية .
أما عن ردّة الفعل التي أتت بعد إطلاق الصواريخ أكّد أسعد بشارة أن الوضع في لبنان الذي يعاني من إنهيار مخيف في الإقتصاد وفي القدرة المعيشية لدى اللبنانيين قلب المزاج إلى حدّ ما ، وما حصل في شويّا هو تعبير عن الرفض لإستعمال لبنان كمنصّة صواريخ لإيران ، ومعادلة جيش شعب مقاومة التي يرسيها حزب الله في البيان الوزاري والتي أتت نتيجة أساليب عنفيّة كثيرة إستعملها حزب الله منذ ال2005 تم تثبيتها في البيان الوزارة لكل حكومة وإن إختلف في الحكومة الماضية ، هذه المعادلة التي وصفها الرئيس السابق ميشال سليمان أنها معادلة خشبيّة أصبحت كذلك هي لا صلة لها في الواقع على الأرض شرائح كبيرة من المجتمع اللبناني ترفض أن يكون لبنان منصّة لإيران وبالتالي تحوّلت إلى معادلة خشبيّة وما يهم حزب الله أن يكون سلاحه مغطّى رسميّاً على صعيد الحكومة والدولة وكل مواقع المسؤولية في لبنان .
أما عن تشكيل الرئيس ميقاتي للحكومة ، إعتبر بشارة أن فرنسا تراجعت عن مضمون مبادرتها الرئيسية ، وإيران وجدت بعد إنتخاب رئيسي أن التوقيت مناسب للإفراج عن الحكومة اللبنانية وإلتقت هاتين المصلحتين في حكومة نجيب ميقاتي لكن هذا لا يعني أن الإتفاق على تشكيل حكومة يمكن أن يكون الطريق مفتوحاً لتنفيذ إصلاحات حقيقية وجذريّة مشكّكاً في قدرة حكومة ميقاتي على القيام بهذه الإصلاحات .
وعن ملف ترسيم الحدود البحريّة ، إعتبر أسعد بشارة أن ملف الترسيم أدخل في عمليّة شعبويّة على صعيد تنفيذ القرار في لبنان حيث يعتقد أن التصوّر الأميركي الذي أعقبه مبادرة أميركية هو أساس عمليّة المفاوضات أي خط هوف أو شيء يشبهه ، وعدم توقيع رئيس الجمهورية للمرسوم 6433 يعني أن ليس هناك قناعة بإمكانية تفاوض حول هذا الخط البحري الجديد التي سترفضه إسرائيل وتؤيد الطرح الأميركي الذي وضع على الطاولة .
وختم بشارة معتبراً أن عين إيران دائماً على التفاوض وإنجاح التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية ولهذا تجمع الأوراق ومن ضمنها ورقة الترسيم البحري ، في لبنان من يقرّر حزب الله وليس رئيس الجمهوريّة أو رئيس الحكومة أو الحكومة أو المجلس النيابي هذا الملف في يد حزب الله وبالتالي في يد إيران ، وإيران إعتادت أن تتعاطى بشكل محترف في هذا البازار المسمّى مفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية .

