حاملا معه رسالتين مزدوجتين تحت شعار ساعدونا لنساعدكم، الأولى تتعلق بالإصلاحات الضرورية التي يحتاج اليها لبنان مؤكدا ان مفاعيل مؤتمر “سيدر” لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الاصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية بهذا المؤتمر، والثانية دعم الشعب اللبناني مشددا على وقوف باريس الى جانبه لمواجهة التحديات، جال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الذي يزور بيروت راهنا على كبار المسؤولين فاستهل لقاءاته من قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأجرى معه محادثات حضر الى جانب لودريان، عن الجانب الفرنسي: السفير في لبنان برونو فوشيه Bruno Foucher، مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو Christophe Farnaud، المدير العام لمؤسسة L’oeuvre d’Orient المونسنيور باسكال غولنيش Pascal Gollnish، ومستشارا الوزير سمير ملكي واوغستان فافرو Augustin Favereau. وحضر عن الجانب اللبناني: الوزير السابق سليم جريصاتي، السفير اللبناني في فرنسا رامي عدوان، المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، والمستشارون: شربل وهبة، رفيق شلالا واسامة خشاب.
وخلال المحادثات أبلغ عون لودريان ان “لبنان يتطلع الى مساعدة فرنسا في مسيرة الاصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية في اطار الخطة التي وضعت للتعافي المالي والاقتصادي”، معتبرا “ان العلاقات اللبنانية- الفرنسية المتجذرة في التاريخ، تفرض مثل هذا التعاون لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين”.
وعرض الرئيس عون للوزير لودريان الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، سواء من الناحية الاقتصادية والمالية او من ناحية تداعيات وباء “كورونا”، مشيرا الى “الجهود التي تبذل من اجل الخروج من الازمة الراهنة بكل وجوهها، بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة”.
وتحدث رئيس الجمهورية عن “التداعيات التي خلفتها الحرب في سوريا على الاقتصاد اللبناني بعد اغلاق الحدود، وكذلك مسألة النازحين السوريين التي كبدت لبنان خسائر تتجاوز الـ40 مليار دولار وفق المعطيات المتوافرة لدى المنظمات الدولية”. وعرض للوزير الفرنسي “الخطوات التي تحققت في مجال مكافحة الفساد ومنها اقرار التدقيق الجنائي، اضافة الى التدقيق الحسابي الذي اظهر وجود خلل في مالية الدولة”، متحدثا عن “صعوبات وعراقيل تواجه مكافحة الفساد، خصوصا مع وجود متورطين كثر فيه، يمارسون ضغوطا عديدة لوقفها”.
وشدد عون على “تمسك لبنان بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701″، شاكرا لفرنسا “الدور الذي تلعبه دائما في اطار التجديد سنويا للقوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”، مؤكدا “ان لهذا الدور اهمية خاصة في التجديد المقبل لهذه القوات”. واعتبر ان “الدعم الفرنسي للبنان اساسي في هذه المرحلة، وفي ذلك فائدة متبادلة للبلدين الصديقين”.
وحمل رئيس الجمهورية الوزير لودريان رسالة الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ضمنها شكره للمواقف التي يتخذها حيال لبنان وللمبادرات التي قام بها في هذا الاطار.
رسالة: وكان الوزير لودريان نقل الى الرئيس عون رسالة شفوية من نظيره الفرنسي اكد فيها “وقوف فرنسا الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، كما كانت دائما وعبر التاريخ”. وقال الوزير لودريان ان بلاده “مصممة على مساعدة لبنان وهي تتطلع الى انجاز الاصلاحات الضرورية التي يحتاج اليها”، مؤكدا “ان مفاعيل مؤتمر “سيدر” لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الاصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية بهذا المؤتمر عند انعقاده في باريس”.
واشار الوزير الفرنسي الى ان “باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنسية في لبنان واللبنانية، لمواجهة الازمة الراهنة وهي تشمل اكثر من اربعين مدرسة ستلقى دعما ماليا في اطار الدعم الذي تقدمه فرنسا للمدارس التي تدعمها في الشرق”. ولفت الى “المساعدات التي قدمتها بلاده لمواجهة وباء “كورونا”، اضافة الى دعم انساني بلغت قيمته 50 مليون يورو”.
في عين التينة: وزار وزير الخارجية الفرنسية مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري ، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح.
في السراي: كذلك زار لودريان والوفد المرافق السراي، حيث التقى رئيس الحكومة حسان دياب في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر، ووزيري: المال غازي وزني، والإقتصاد والتجارة راوول نعمه، مستشاري رئيس الحكومة خضر طالب، السفير جبران صوفان وبترا خوري.
وتم خلال اللقاء البحث في الإصلاحات المطلوبة لترجمة مقررات مؤتمر سيدر، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتطرّق المجتمعون إلى المشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، والجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجتها. كما تناول البحث أيضًا التجديد لقوات “اليونيفيل”، وملف اللاجئين السوريين. وشكر الرئيس دياب فرنسا على الدعم الذي تقدمه إلى لبنان.
معلومات: وفي هذا الإطار، أفادت المعلومات نقلا عن مصادر السراي ان رئيس الحكومة قال للودريان، ان “لبنان ينظر إليكم كصديق تاريخي للبنان، وفرنسا وقفت إلى جانب لبنان في المحطات الصعبة وأنا على ثقة أنها لن تتخلّى عنه اليوم”.
وأضاف: “انجزنا إصلاحات عديدة وواجهتنا عقبات، وضعنا جدولا زمنيا بباقي الإصلاحات أما تلك المتعلقة بسيدر، فقد أنشأنا لجنة وزارية لمتابعتها”.
وتابع: “نريد دعم فرنسا بملف الكهرباء ومع صندوق النقد، واقررنا في الحكومة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان لكشف الفجوة المالية وأسبابها وخلفياتها، لأننا حريصون على الشفافية، فالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان يفتح نوافذ وأبوابا نحو المؤسسات الأخرى للتدقيق الجنائي فيها.”
وأردف: “أقررنا قبل يومين إعتماد سكانر scanners على الحدود وفي المرافىء والمطار، لأن هذا يضبط البضائع جمركياً ويؤمن للدولة مداخيل كبيرة كانت تذهب هدراً خصوصاً في ظل الضغط المعيشي والإجتماعي على اللبنانيين، وأيضاً على النازحين السوريين، وهذا ما قد يؤدي إلى موجة هجرة لبنانية كبيرة، إلى جانب نزوح سوري للنازحين من لبنان في مختلف الإتجاهات”.
وأشار الى أن “المجتمعات المضيفة للنازحين بدأت تشعر بهواجس من وجود النازحين، والنازحون بدأوا يشعرون بعدم الراحة، وهذا أمر خطير”.
وشكر دياب فرنسا على التوجه لدعم بعض المدارس، متمنياً أن يتوسع هذا الدعم الفرنسي ليشمل المدارس الرسمية اللبنانية.
وطلب دياب “تفهم فرنسا ودعمها للبنان لتجديد مهمة اليونيفيل من دون تعديل في الوكالة والعديد، لحفظ الأمن والسلم الدوليين وتمكين القوات الدولية من تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي يلتزم به لبنان”.
في قصر بسترس: اعلن وزير الخارجية ناصيف حتي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان ايف لودريان، ان “فرنسا متعلقة بلبنان وتراقب الجهود لتخطي الازمات التي تواجهنا والأهم اليوم تطبيق الإصلاحات للنظام”. وقال: “الأهمية اليوم هي المضي بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لتحقيق الإصلاحات لخروج لبنان من مأزقه الكبير”.
اضاف حتي: “من الضروري بناء شبكة امان في لبنان، والمطلوب توفير مناخ ملائم لتنفيذ مشاريع سيدر، وعلينا ان نعمل في هذا المجال وبشكل سريع والوقت ضاغط ويعمل لغير مصلحتنا”، معتبرا ان “مؤتمر سيدر يعكس الاهتمام الفرنسي بلبنان”.
وأعلن ان “فرنسا تدعم دائما قوة السلام “اليونيفل”، ونحن اكدنا عدم المس بمهامها ونشكر دعم فرنسا للمدارس الفرنكوفونية.
من جهته، قال الوزير الفرنسي: “انا مسرور بوجودي في لبنان بطلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وأنا هنا لأؤكد دعم فرنسا للبنان ووقوفها الى جانب الشعب اللبناني، فبيننا وبين لبنان تاريخ مشترك ورابط مميز”.
اضاف: “أتيت لأحمل لكم رسالة، الوقت حرج ولبنان يواجه وضعا حرجا والازمة الاقتصادية كبيرة ولها عواقب على اللبنانيين”، مؤكدا “إصرار فرنسا على الوقوف الى جانب الشعب اللبناني في هذه الأوقات العصيبة، سبب وجودي هنا تأكيد استمرار دعم فرنسا للبنان ووقوفها إلى جانب شعبه”.
وأعلن “اننا نريد تفادي أن تغير الأزمة التعايش الاجتماعي في لبنان”.
وقال: “الحلول لترتيب الوضع في لبنان موجودة في مقررات مؤتمر سيدر وتنفيذ الإصلاحات ضرورة كي يخرج لبنان من محنته. من الملح والضروري السير على درب الإصلاحات وهذه الرسالة التي أحملها لكل السلطات اللبنانية ومجمل القوى السياسية وهذه ليست تطلعات فرنسا فقط بل تطلعات الأسرة الدولية بأكملها”.
ودعا لودريان الى اعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وقال: “ليس هناك من حل بديل ليخرج لبنان من أزمته شعار رسالتي الى لبنان “ساعدونا لنساعدكم”.
في دير الكرمل غدا: يذكر ان وزير الخارجية الفرنسية يزور في العاشرة من قبل ظهر غد الجمعة رئيسة دير ومدرسة كرمل القديس يوسف في المشرف مريم النور- انطوانيت العويط، حيث تنظم مع السفارة الفرنسية لقاء حول التعليم الفرانكوفوني وواقعه يحضره رؤساء المؤسسات والمدارس الفرنكوفونية المعتمدة في لبنان وممثلين عن المدارس المسيحية. ويدلي الوزير لو دريان بمداخلة بعد اللقاء.

