أعلن وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ان بلاده ستقدم ١٥ مليون يورو للقطاع التعليمي في لبنان، وستبذل الجهد لتعميق الشراكة الفرنسيّة مع المدارس لأنها هي ما يميّز لبنان. واعتبر ان لبنان على شفير الهاوية لكن هناك إمكانية للنهوض”.
في الكرمل: إستكمل الوزير لودريان زيارته للبنان، وزار اليوم مدرسة الكرمل سان جوزف- المشرف، حيث عقد لقاء مع رؤساء مؤسسات المدارس الفرنكوفونية المعتمدة في لبنان. وكان في استقباله رئيسة المدرسة الام انطوانيت عويط التي ألقت كلمة وطنيّة تربويّة مؤثرة جداً، شارحة خلالها الواقع التربوي والاجتماعي والاقتصادي العام للمدارس والطلبة والأهالي . وقالت: “التربيّة وسيلة أساسيّة لبناء الإنسان بالاستناد إلى الإرث الثقافيّ والأخلاقيّ والروحيّ، مع الحرص على احترام حريّة التفكير والتنشئة على قبول الآخر، وتقبّل الاختلاف، وتنمية حس الالتزام والانتماء إلى الوطن والانسان”.
وأشارت إلى رسالة المدارس في “احتضان التنوّع، والتمرّس بالتواصل البنّاء وتبادل الخبرات، والالتزام العميق بالإنسان والحوار وبفكرة لبنان وقيم الحريّة والديمقراطيّة والعدالة والمساواة”.
وقالت:” لقد أدركت مؤسساتنا التعليميّة أنها الآن الضامن الوحيد لتعدّدية المجتمع التي هي ثروة المنطقة ولبنان. والأخير هو الأرض المميّزة للإجابة عن التعددية التي هي قانون الأرض. فنحن “كنيسة العرب” في لبنان، الذي يلعب دوراً رئيسيّاً في الحوار الإسلامي المسيحي في وقت يتعاظم فيه الصراع بين الشرق والغرب بأشكال جديدة من المواجهة وسوء الفهم. ولا أخشى أن أقول هنا أننا متضامنون تماماً مع إخواننا المسلمين. وسنعيش معاً أو نموت معاً”.
وأعلنت “ان مدارسنا هي مكان للحياة الأخويّة من خلال الاعتراف بالحرّية المطلقة للضمير وكل هذا دون إنكار الاختلافات في الثقافة أو الدين أو الرأي أو المعتقد لكن يتمّ اختبارها حتى يتمكّن الجميع من تقديم أفضل ما لديهم في المشاركة في بناء الوطن من خلال التربية والتعليم، كبلد الوحدة في التنوّع والتعدّد، ونموذجاً للديمقراطيّة يُحتذى به في المنطقة العربية، ورسالة للعالم كلّه على صعيد حوار الثقافات ولقاء الحضارات وتفاعلها”.
وختمت قائلة:” وحدهما التربية والتعليم يمكن أن يجعلا من عالم اليوم، عالم العنف والظلم، وزمن القهر والجوع، أكثر سلماً وإنسانيّة وتضامناً وأخوّة”.
من جهته، الوزير لودريان الذي رفض البدء بمؤتمره الصحافي من دون أن تجلس الأخت مريم النور – انطوانيت العويط بقربه، تحدّث عن النموذج الرائع التي تقوم به مدرسة الكرمل والمدارس الفرنكوفونية، للبنان والشرق والعالم. وقال: “أحمل رسالة صداقة ودعم للمدرسة والطلاب والأهل”.
وأشار إلى “الحرائق المروعة التي اجتاحت لبنان في تشرين الأول الماضي وغمرت المشرف وهدّدت مدرسة الكرمل، التي تحمل جزءاً من روح لبنان. وأعلم أيتها الأخت مريم كم من قلق انتابك يومها وكيف وقف معك الطلبة والأهالي لنجدة الكرمل من المحنة. وإذ أذكر هذه المرحلة، فلأن لها قوة رمز، في المثال البسيط والمثير للإعجاب على التفاني والتضامن والدعم، وهذه هي الرسالة التي جئت لإيصالها في نهاية زيارتي للبنان: إنّها رسالة صداقة. إنّها رسالة صداقة. إنّها رسالة دعم “.
وقال:” إن النموذج الفريد في مدارسكم هي أصول لا تقدّر بثمن لمستقبل لبنان. هي نموذج للتميّز يساهم في جعل هذا البلد القوة التعليميّة الرائدة في المنطقة، في تعدّدية لغويّة وفي التربية المدنية واحترام التنوّع، لدرجة أنه ليس من المألوف أن تحتضن المدارس المسيحيّة هذه الغالبية من الطلاب المسلمين”.
وقال:” لقد قرأت باهتمام كبير، رسالتك إلى رئيس الجمهورية الفرنسية يا أخت مريم عن الصعوبات والسياق الاقتصادي الذي نعرفه جميعاً. وأنا أعلم وضعيّة الأهل الذين يعانون لتسديد الأقساط، والمدارس التي تعاني لتسديد المبالغ المتوجّبة عليها. لكن نحن لن نترك المدارس الفرنكوفونية في لبنان تنهار ولن نترك الشباب اللبناني يواجه لوحده هذه الأزمة”.
وأكمل:” يجب كسر هذه الحلفة المفرغة ويمكنكم أن تتكلوا على فرنسا”. وأعلن أن فرنسا ستقدم ١٥ مليون يورو للقطاع التعليمي في لبنان، و”سنبذل جهداً لتعميق الشراكة الفرنسيّة مع المدارس لأنها هي ما يميّز لبنان. وأكرر هناك أزمة عميقة في لبنان، وهذا ما قلته أمام المسؤولين اللبنانيين بأنّ البلاد على شفير الهاوية لكن هناك إمكانية للنهوض”.
وختم قائلا:” أتذكر جيداً ختام رسالتك إلى الرئيس: قلت له لن نستسلم. هذه صرخة من القلب يجب أن تكون شعار الجميع وهذا ما أقوله لك اليوم”.
ولفت ردا على سؤال الى ان “البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يتكلم عن حياد ايجابي وهو ما يعني بالنسبة لي تحييد لبنان عن الأزمات في المنطقة”. وكرر المطالبة بتنفيذ الاصلاحات كالتفاوض مع صندوق النقد الدولي واخذ التدابير الاساسية على صعيد الموارد المالية إضافة الى الاصلاح في قطاع الكهرباء وتعزيز الشفافية.
في مستشفى الحريري: الى ذلك، زار لودريان مستشفى الحريري الجامعي، كونه على الخط الأمامي في المعركة ضد فيروس كورونا.

