22.1 C
Byblos
Saturday, December 6, 2025
إنتخاباتكارن البستاني قلبُها على الوطن

كارن البستاني قلبُها على الوطن

الدكتور جورج شبلي

في رحلةِ الحياةِ الخاطفة، يخطرُ قلبٌ يرى، بلحظةٍ، ما يَصعبُ أن يراهُ كثيرون، بِعُقود. وهو قلبٌ له اندفاعٌ خاصٌ للوطن، وغيرُ مترَدِّد، ولا يخشى الإخفاق، أو الإصطدامَ بعقباتٍ في الطّريقِ الموصِلِ الى العجائب.

كارن البستاني، سلكَت دربَ القِيَمِ مدماكاً أساسيّاً في شعائرِها، فالخَيرُ والأخلاقُ والحقُّ، معها، فريضةٌ وتَحَدٍّ، وتثبيتٌ لمشروعِ إنسانيّةِ الإنسان، وسياجٌ يصونُ من الزَّلل، وكأنّها، بسلوكِها هذا، تؤكِّدُ على ما قالَ أحدُ علماءِ الإجتماع : ” إذا أُصيبَ الناسُ في أخلاقِهم، فأَقيموا عليهم مأتماً، وَنُوحوأ “.

لبنانُ الغارقُ في غابةٍ من العاداتِ الذّميمةِ، والتشوّهاتِ التي أتاها مَنْ في منظومةِ السلطة، يستحقُّ، بحَسبِ كارن البستاني، أن تقفَ الى جانبِهِ مع الذين يعتبرونَه أرضاً مقدَّسة، لينتقلَ الى ضَحَواتِ الرّبيع، ومَليحِ العَيشِ. فلبنانُ، في سيرةِ كارن، خبزٌ ومَلح، لم تخرجْ عن عُرفِهِ، أرادَت له صَحواً بعدَ عَصف، وصَفواً بعد كَدَر، ومجالاً بعد ضِيق، واعتبرَت أنّ النّضالَ لِأَجلِهِ هو، وحدَه، زيتُ المناعةِ والتّعافي، وإعادةِ شخصيّتِهِ الرّائدةِ في سَربِ مجتمعاتِ النّاس.

لم تُجالِسْ كارن البستاني أهلَ المكائدِ، والمتلوِّنينَ، والذين خُلِقوا من الطّينةِ السُّفلى، لذلك، لم يُحَوِّلِ الغُبارُ حواسَها تُراباً، وقناعتَها حَطَباً. فهي نقشَتِ التحدّي في أهدافِها، وصعَّدَت حرارةَ المواجهةِ للتَّغيير، لذلك، لم تكنْ صوتاً يَرضَخ، أو يُؤَرِّخُ صاغِراً لِعَصرِ إبليس، فلبنانُ، في صوتِها، ليس هيكلاً من خشب، بل هو جوهرٌ منسولٌ من خيوطِ ذَهَبٍ مُقَسّىً، ليُظهرَ الفرقَ بين العاجِ والتّراب.

كان نَقلُها الواقعَ المؤلِم، جارِحاً لِمَن أَوصَلَنا إليه، فضاقَت أَحلاقُ هؤلاءِ عن بَلْعِ الخَشِنِ من صراحتِها. فالمُنتَفِخَةُ أنوفُهم، المُقارِبونَ طبيعةَ القَحطِ في الوطن، هالَتهم جرأةُ كارن البستاني التي وجَّهَتِ البوصلةَ نحو الحقيقةِ، وأصابَت. إنّ مَساسَ الفاسدين العُدوانيَّ بالأرضِ والشّعب، جعلَ الوطنَ مُنتَهَكَ السيادةِ والكرامة، فحكمَه الأوصياءُ الذين امتلكوا لبنانَ ولايةً نهبوها، وكأنّه في عهدةِ لصوص. من هنا، استفاقَ النّبضُ الثَّوريّ في عَصَبِ كارن، وأضافَت نفسَها الى الذين لم يَنَلْ منهم سلطانُ الخوف، وما كان الخوفُ، يوماً، سلطاناً يحكمُ الشّجعان، وهي منهم.

برنامج كارن البستاني ليسَ مجموعةَ طلاسِم، أو شعاراتٍ مُعتَمَة، فأبرزُ ما فيه أنّ مفهومَ الشّعبِ ليس مفهوماً مائعاً، فلم تَعُدِ السّلطةُ للعُروش، ولم يَعُدِ الشّعبُ عِباداً يمكنُ اختزالُهم، أو رعايا يسهلُ فَرضُ السَّمعِ والطّاعةِ عليهم. فالشّعبُ، يُشهَدُ له بالسيادةِ في المبدأِ والقانون، ويشكّلُ، مع الأرضِ والنّظام السياسيّ، قِوامَ الكيانِ المُسَمّى دولة، أو جمهوريّة. والشّعبُ ليس من أهلِ الحضانةِ، إنّه النّاضِجُ الذي يحقُّ له أن يُدلِيَ برأيِهِ، وبصَوتِهِ، وبما يريد، من دون أن تتمَّ مصادرةُ هذا الحقّ، تحتَ أيِّ شكل.

في مواسمِ شِحِّ الشفافيّةِ السياسيّة، وفي زمنِ تَعَدُّدِ السُّحناتِ لدى المتَزَعِّمِ الواحد، حيثُ رَسا الخيارُ على الكَذِب، أطلقَت كارن البستاني نبرتَها العاليةَ لتفضحَ زعماءَ التلقّي، والإدّعاء، والمراوغة، وهمُ الببّغائيّون، أو صَدى صوتِ سيِّدِهم. وبرهنَت إفلاسَهم الشّخصي والوطني، ولَو أُوهِموا بأنّ الواحدَ منهم كَنارٌ يُطرَبُ لتغريدِه، خاصةً وأنّ مُصَفِّقيهم الغائبين عن الوَعي، والذين استشرى فيهم المَسّ، لا يزالون يُراكمون إفراطَهم في تصديقِ الحِجَجِ البائسة، والشّعاراتِ المُقَنَّعة. وإذا كان الصّدقُ في الرِّجال، هو أصلُ المحمودات، فإنّ أَسواَ العِلَلِ في الزّعماء، هؤلاء، هو خُلقُ التّزييفِ، والمَكرِ، والمخاتلة، حتى ليُظَنَّ بأنّ مقامَهم وَكرُ الشيطان.

محاولة فَرضِ قانون “البقاء للأقوى”، جعلَ الرّعبَ يُطلُّ من عَيني الوطن، لكنّ وطنيّةَ أصحابِ العنفوانِ، والكرامة، وبينهم كارن البستاني، لن يسمحوا بأن تسودَ شريعةُ قايين، وأن يتحكَّمَ بالبلادِ إجرامٌ همجيٌّ تقودُهُ منظومةُ النَّحرِ، والعنفِ، والعمالةِ، لتحوِّلَ الوطنَ مجتمعَ غابٍ يغتالُ قِيَمَ العدلِ، والحريّةِ، والحقّ. فقد آنَ الأوانُ لتغييرِ قواعدِ اللّعبة، ولسَحبِ الإمتيازِ من غُلاةِ المجرمين.

كارن البستاني مُرشَّحةٌ تناضلُ لتجديدِ صلاحيّةِ المواجهة، ولصيانةِ إرادةِ الحياة، ولإخراجِ لبنانَ من تحت شِفارِ المَقاصل، ولترميمِ آليّاتِ العطشِ الى الوطنيّةِ، انتماءً وولاءً. معها، لا ترحيلٌ للنّضالِ الى زمنٍ آخر، بل مبادرةٌ للتصدّي، بمواقفَ ذات مساحةٍ واسعةٍ من الجرأة، والوَعيِ، والوطنيّة.

كارن البستاني المؤمنةُ بلبنان، لطالما نَقَلَ الإيمانُ الجِبال، فكيفَ لا ينقلُ إيمانُكِ الوطنَ الى وجودٍ سيِّدٍ، عزيز، ما تَعَوَّدَ أرزُهُ أن ينحنيَ، مهما قَسا عليهِ التّراب؟؟؟

- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!