عقد مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية صباح اليوم إجتماعاً استثنائياً، خصصّه لبحث ما ورد عن لجنة الاعلام والاتصالات النيابية أمس ،عن محاولة إصدار قانون مستقل للاعلام الالكتروني بمعزل عن القانون الموحد للاعلام قيد الدرس حاليّاً. وأصدر المجلس البيان الآتي: أن مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية نادى بوجوب وضع قانون عصري وموحد للإعلام يفعّل هذا القطاع، ويجعله قادرا على أداء رسالته الوطنية والتحول إلى قطاع فاعل ومنتج ينهض بقدراته الذاتية. إن النقابة ترفض رفضا قاطعا أي طرح ، من أي مصدر أتى، يرمي إلى “تفسيخ” الإعلام وتفتيته عبر الضغط من أجل استصدار قانون خاص بالإعلام الالكتروني. وهي ستواجه هذا الطرح ، بكل ما أوتي لها من امكانات، وستجري اتصالات لاسقاطه ومنع إمراره، لأنه يهمّش الإعلام الوطني ويفقده فاعليته، ولا يحقق النقلة النوعية المتوخاة. إن قانون اعلام واحدا يحتاجه لبنان ينظم فروعه: المكتوب ، المرئي ، المسموع والإلكتروني تحت مظلته، مستوحيا التجارب الرائدة في هذا المضمار والمعتمدة في أرقى الدول وأكثرها تقدما. إن أهل مكة ادرى بشعابها، ومن ادرى من الإعلاميين وأصحاب الاختصاص بشؤون القطاع وما يعترضه من معوقات قانونية وتنظيمية؟ أن نقابة المحررين تعلن بصوت عال:لا لفرض قانون على الإعلاميين يخالف قناعاتهم. لا لتجزئة قانون الإعلام. وتدعو النقابة لان يأخذ القانون الموحد للإعلام مساره القانوني من دون أي التفاف عليه. نعم لقانون شامل ينهض بالقطاع بجميع فروعه. نعم لدعم هذا القطاع بتشريعات حديثة ورؤية لتحويله الى صناعة وطنية منتجة ليستطيع النهوض من ركام مشكلاته المتفاقمة. نعم لقانون يحصن الحريات الإعلامية، وينظم أخلاقيات المهنة ، ويعزز الأوضاع الاجتماعية للاعلاميين . إن نقابة محرري الصحافة اللبنانية التي فتحت ابوابها أمام جميع الصحافيين والاعلاميين في جميع فروع المهنة ولا تزال، تؤكد حرصها على وحدتين:وحدة التشريع الاعلامي، ووحدة العائلة الإعلامية. وهي تدافع عن هذا التوجه بكل ما أوتي لها من قوة ولن تهادن. وتدعو جميع الزملاء إلى التضامن والتكاتف في وجه أي محاولة تربّص بهاتين الوحدتين.
قالت مصادر وزارية ونيابية إن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، حضر إلى بيروت في مهمة خاصة، حاملاً رسالة إلى أركان الدولة من العيار الثقيل من غير الجائز تجاهلها، وقد جاءت بمثابة إنذار أخير، وفيها تحميلهم مسؤولية التلكؤ في تحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية التي تعد الممر الإلزامي للوصول في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى نتائج ملموسة تدفع باتجاه دعم خطة التعافي المالي لتفادي الأخطار التي تحيط بلبنان.
ولفتت المصادر إلى أن لودريان لم يحط في بيروت لينقل رسالة باسم الحكومة الفرنسية فحسب، وإنما حمل معه رسالة بالنيابة عن المجتمع الدولي ومجموعة أصدقاء لبنان، محذراً من بلوغ لبنان مرحلة الخطر الشديد، وأن لا مساعدات من دون الإسراع في تحقيق الإصلاحات، ووضعها على الطريق الذي يمكنه من الإفادة من الدعم الدولي من خلال صندوق النقد، خصوصاً أن الرهان على مقررات مؤتمر «سيدر»، وتوظيفها لمساعدته للنهوض من أزماته، ليس في محله لأنها ارتبطت كلياً بمصير التفاوض مع الصندوق، وباتت متلازمة معه.
وكشفت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن لودريان تحدث مع كبار المسؤولين بلهجة قاسية لم تكن مألوفة من قبل، مستخدماً تعابير فيها كثير من الإنذارات، على خلفية تماديهم في إهدار الفرص التي أُتيحت للبنان لقطع الطريق على تدحرج الانهيارات التي تحاصره، خصوصاً أن الوقت لم يعد يسمح باستمرار تخبط الحكومة وتلكؤها في الاستجابة لدفتر الشروط الذي أعده المجتمع الدولي للسير على طريق الإنقاذ، ولو على مراحل.
ورأت أن عنوان محادثات لودريان مع الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب، ووزير الخارجية ناصيف حتّي، كان محصوراً بأمر عمليات دولية، وفيه: عليكم أن تساعدوا أنفسكم ليكون في مقدورنا مساعدتكم، ولا مجال لترف الوقت والدخول في مهاترات يراد منها تصفية الحسابات لأن لبنان يمر في ظروف قاهرة استثنائية تستدعي من جميع الأطراف والقوى السياسية التكاتف، فبلدكم يقترب من الخطر الشديد، وبشكل غير مسبوق.
وأكدت المصادر أن المواقف التي أعلنها لودريان في ختام لقاءاته خلت من الإشادة بالحكومة والحكم على السواء، وحملت انتقادات لعدم استجابتهما لتطلعات الشعب اللبناني الذي انتفض في 17 تشرين الأول الماضي، فيما خص لودريان البطريرك الماروني بشارة الراعي بلقاء استثنائي لتوجيه رسالة من بكركي، تتضمن تأييد دعوته إلى حياد لبنان لأنه لا سيادة من دون هذا الحياد، إضافة إلى أنه ينظر إلى الراعي، كما علمت «الشرق الأوسط»، على أنه من الركائز الأساسية، ليس لتحقيق التوازن ومنع الإخلال به فحسب، وإنما لدور الكنيسة المارونية في إنقاذ لبنان.
ومع أن المصادر نفسها نفت أن يكون لودريان قد تطرق في لقاءاته مع أركان الدولة إلى مطالبة الراعي بحياد لبنان، فإنه ركّز على ضرورة النأي بالنفس، وعدم إقحام لبنان في سياسة المحاور أو في التجاذبات التي تشهدها المنطقة لأن تحييده يأتي في سياق دفتر الشروط الدولية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد.
وفي هذا السياق، شدد لودريان على ضرورة مبادرة الحكومة والحكم إلى تصحيح علاقة لبنان بعدد من الدول العربية، وتحديداً تلك التي ساهمت في توفير الدعم لخطة النهوض التي أقرها مؤتمر «سيدر»، إضافة إلى تشديده على التزام فرنسا بتوفير الدعم للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للحفاظ على الاستقرار، وتمكين الدولة من بسط سلطتها على كامل أراضيها.
كما انتقد لودريان التأخر الذي لا تبرير له، والذي بات يُعيق تحقيق الإصلاحات في قطاع الكهرباء، معتبراً أن الخطوات التي اتُّخذت حتى الساعة غير مشجّعة، ومشدداً على استقلالية القضاء بصفتها مدخلاً لتحقيق الإصلاح، ومطالباً بالإسراع بإقرار قانون «كابيتال كونترول» لتأمين التحويلات المالية إلى الخارج، إضافة إلى أن بري تمنى عليه توفير الدعم للجامعة اللبنانية، بصفتها جامعة وطنية لكل اللبنانيين.
أما لماذا لم يجتمع لودريان بالقيادات السياسية غير الرسمية، فقد علمت «الشرق الأوسط» أنه جاء إلى بيروت بمهمة خاصة، وبالتالي حرص على ألا يُقحم مهمته في لقاءات يُفهم منها أنه يتولى الوساطة بينها، ما يفتح الباب للمسؤولين بالتذرع، وعدم الاستجابة للإنذار الذي حمله معه، علماً بأن لزيارته مقر مؤسسة «عامل» في الضاحية الجنوبية أكثر من معنى، لجهة أن ليست هناك مناطق مقفلة في وجه أي موفد فرنسي.



