اتفاقات مشبوهة تطيح السيادة بـ90 مليون دولار…
عام 2010، أطلقت وزارة الطاقة والمياه مناقصة لتعيين استشاري بغية تحضير دفتر شروط للشركات المهتمّة باستثمار الخزّانات التابعة لمنشأتَي النفط في طرابلس والزهراني. حازت عام 2011،”Riverlake” على المناقصة. وعليه، صاغت الشركة العالمية (المتخصّصة بحسب ملف التعريف عنها بتقديم الخدمات البحرية بالإضافة إلى تطوير محطات تخزين النفط والغاز)، دفتر الشروط لينطلق في العام 2012 برنامج التأهيل المسبق للمتعهّدين.
أُطلقت إذاً، في العام 2013 المناقصة قبل أن يُصار إلى تأجيل المشروع برمّته لأسباب سياسيّة ترافقت يومذاك مع الأحداث الأمنيّة في باب التبانة وجبل محسن.
في أيار 2017، عادت ” Riverlake” وحضّرت لمناقصة تلزيم المشغّل وأطلقت أواخر السنة عينها المناقصة.
18 شركة قامت بسحب دفتر الشروط وأُقفل في شباط 2018 باب الاشتراك في المناقصة.
شركتان فقط من أصل 4 شاركت في المناقصة أتى عرضاهما مطابقَبن لدفتر الشروط خصوصاً لتلك الإدارية (administrative requirements) وهما: “ZR Energy” و”Rosneft”.
هكذا فازت الشركتان بشروط التصنيف التقنية وفُضّت العروض التجارية في آذار 2018. حظيت Rosneft Oil Company “” بالمناقصة للاستحواذ على منشأة طرابلس بعدما قدّمت أفضل عرض تجاريّ.
في أيار 2018، وافق وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل منفرداً على نتائج المناقصة. 8 أشهر من المفاوضات على العقد وتفاصيله تمّت بين ” Riverlake” وإدارة المنشآت والوزير قبل أن يُوَقّع العقد في 25-01-2019.
قبل كلّ شيء، تجدر الانطلاقة من أنّ تعاملات ملفّ ” Rosneft” برمّته كانت تتمّ حصراً عبر مراسلات بين رئيس لجنة إدارة المنشآت سركيس حليس وسيزار أبي خليل. وكان حلَيس الخارج عن طوع الإدارة العامة يمثّل مستقلّاً الدولة في العلاقة بين المشغّل(operator) أي” Rosneft” (بدلاً من الوزير). وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه وبحسب قانون المحاسبة العمومية فإنّ أي عقد تتخطّى قيمته الـ100 مليون ليرة يحتاج إلى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء وهو ما لم يحدث في العقد مع الشركة الروسيّة.
في 25 كانون الثاني 2019 اذاً، وُقّع العقد بين وزير الطاقة الأسبق سيزار أبي خليل و” Rosneft” الروسية في حكومة تصريف أعمال. بعد ذلك، وتحديداً في 18 شباط 2020، أدرج الموقع الرسمي لوزارة الخزانة الأميركية (U.S. Department of the Treasury ) – مكتب مراقبة الأصول الأجنبية(OFAC)، “Rosneft Trading SA” (وهي شركة وساطة النفط الروسية التابعة لـ ” Rosneft” التي تملكها الدولة الروسية) ورئيس مجلس إدارة الشركة ديدييه كازيميرو على اللائحة السوداء، ليصبحا خاضعَين للعقوبات الأميركية التي تشمل كل من يتعامل مع الشركة أو مع ممثلين عنها بطرق مباشرة و/أو غير مباشرة. حظر قرار الـOFAC أي تعامل مع “Rosneft Trading SA” وأي شركة أخرى تملك الشركة المعاقبة فيها ما لا يقل عن 50٪ من الأسهم. ترتكز العقوبات إلى قيام الشركة الروسية بالتجارة في النفط الفنزويلي في حين أن الإدارة الأميركية مصممة على منع نهب الأصول النفطية الفنزويلية من قِبل نظام مادورو الذي تعتبره فاسداً.
تتبع “Rosneft Trading SA” الشركة الأم “Rosneft Oil Company” وتساعدها في تنفيذ مشاريع خارجية كالتسويق والتوزيع، بما في ذلك تجارة الموادّ الخام ومعالجتها ونقلها، ولا سيّما المنتجات البترولية والمنتجات النفطية غير المكرّرة من مصادر “غير تقليدية”، تحديداً من الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية مثل إيران وفنزويلا بالإضافة إلى ليبيا وعدد من الدول الإفريقية، من خلال إخفاء المصدر الحقيقي للموادّ النفطية. ففنزويلا على سبيل المثال كانت تصدّر حوالى 70% من إنتاجها عبر”Rosneft Trading SA” إلى الأسواق الصينية والكوبية والفيتنامية وربّما اللبنانية أيضاً.
وقّع العقد عن الجانب الروسي رئيس الشركة الروسية ديدييه كازيميرو Didier Casimiro إلا أن المفارقة تكمن في تساوي توقيع حليس الى جانب الوزير الوصيّ. وقّع كازيميرو العقد ليس نيابة عن ” Rosneft” المملوكة من الدولة الروسية ولكن عن شركة “GPOB LIMITED” (التابعة لـRosneft) المسجلة في جمهورية قبرص والتي وُهبت لها الأراضي التابعة للمنشآت على الأراضي اللبنانية كافة لمدة 20 عاماً،بمقابل زهيد، لجعلها أكبر مستودع لتخزين المشتقات النفطية بمختلف أنواعها على البحر المتوسط.
بمعني أبسط، صحيحٌ أن لبنان لم يوقّع مع ” Rosneft Trading SA”،الا انه تعامل بشكل مباشر مع ديدييه كازيميرو، وهو المُعاقَب أميركياً عبر “GPOB Limited” . وذلك يعني باختصار ووضوح تامّين أن لبنان يمكن أن يخضع للعقوبات الأميركية، إذا قرّر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، لارتباطه بكازيميرو.
مرّ الوقت على توقيع العقد من دون أي تحرّك من الجانب الروسي. لكن سُجّل مع بداية العام الحالي، إعادة إحياء للمشروع بعد نحو 3 سنوات من المماطلة. ترافق ذلك مع استعجال روسيّ مفرط للبدء في تأهيل الشركات بالإضافة الى الانتهاء من وضع التفاصيل الهندسية الأخيرة ومعها الدراسات التقنية وخرائط بناء الخزّانات وكلّها خطوات كان يجب البتّ بها بعد فترة تتراوح بين 50 يوماً وعام من تاريخ توقيع العقد.
في هذا السياق، بدأت تجري منذ 3 أشهر زيارات متبادلة بين الجانبين اللبناني والروسي حيث زار بيروت وفد من شركة “Rosneft” الروسية. اما الملفت، فكان مجيء رئيس الشركة ديدييه كازيميرو المُعاقب أميركياً الى لبنان بعد مغادرة الوفد وبقائه حوالى الأسبوع. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها “ناس ميديا” فقد أبلغ كازيميرو وزارة الطاقة والمياه نيّته زيارة بيروت خلال الأيام المقبلة للإشراف على مسار العمل وفق الخطة الموضوعة والجدول الزمني المحدّد.
كان من المفترض أن تبدأ المرحلة الأولى من العقد فور توقيعه، على أن تمتد لـ18 شهراً لصيانة الخزّانات الـ5 الموجودة، والتي تبلغ سعتها التخزينية نحو 70 ألف متر مكعب. بعد ذلك، تنطلق المرحلة الثانية من العقد، وتمتد لـ30 شهراً وتضيف 3 خزّانات جديدة بسعة 81 ألف متر مكعب. ثم تأتي المرحلتان الثالثة والرابعة وتغطيان فترة 7 أعوام وتضيفان 205 آلاف متر مكعب من خلال 8 خزّانات جديدة. أمّا المرحلة الخامسة فهي اختيارية، ويمكن أن تبني الشركة خلالها 3 خزّانات بحوالي 72 ألف متر مكعب على مدى 7 أعوام (لتصبح السعة الاجمالية أكثر من 400 ألف متر مكعب).
مرّت الأيام من دون أي حركة ميدانية من جانب الشركة الروسية المتوغّلة في المنطقة. إلا أنّ الجديد في هذا الموضوع اقتصر على:
- اجراء مناقصة لتعيين استشاري فني للمساعدة في مراجعة الوثائق المقدّمة من شركة “GPOB Limited” التابعة لـ”Rosneft” والتي فازت بها شركة “دار الهندسة”
- عملية تأهيل المتعهدين والشركات المعدة من قبل الإستشاري، “دار الهندسة” لاعادة تأهيل 4 خزانات وتصنيع 3 خزانات جديدة لتخزين نتواتج تقطير الزيت السائل في منشأة طرابلس.
- طلب إذن لدخول منشأة طرابلس لإجراء دراسة الجدوى لإزالة الوحول الزيتية والتي قامت بها شركة “ELARD” لصالح شركة “Levant Storage”، والتي يُظهر سجلها التجاري أن شريكها الوحيد هو “GPOB LIMITED” المسجّلة في قبرص.
يهب العقد المستثمر الروسي قدرة تخزينية إجمالية بحدود 400 ألف متر مكعب مع ما يعنيه ذلك من سيطرة تامة على السوق النفطية اللبنانية خصوصاً وأنّ مطامع الشركة الروسية في السوق اللبنانية باتت مؤكّدة من خلال سعيها الى المنافسة في سوق الاستهلاك المحلية التي تستورد 3000 طن من المشتقات النفطية سنوياً. ومع استمرار العقوبات الأميركية على سوريا وعلى صادرات ايران، سيُستخدم العقد لأهداف استراتيجية. وبالإضافة الى العقد وشوائبه، يسعى “البعض” الى ان تكون منشأة طرابلس منصّة لتغذية سوريا باستخدام مهرّبين لبنانيين. ويمكن للعقد ان يغطّي عمليات تفريغ بواخر إيرانية في المياه الإقليميّة اللبنانيّة. وأبعد من ذلك، قد تكون طرابلس رديفاً لمحطة بانياس السورية على اعتبار أن موقع المنشأة الجغرافي هو بمثابة سوق حرّة جاهزة للتصدير، وسوق أخرى محلية.
في جميع الأحوال، لا شكّ أن روسيا بحاجة ماسة إلى بديل عن معاهدة “سيفر”، وهنا لا بدّ من التساؤل من سيكون مسؤولاً عن “أمن” المنشآت؟ يندرج موضوع “الامن”(security) في العقد من ضمن بند الإدارة والتشغيل الا انه ، يحق للشركة الروسية أن تفرض من تراه مناسباً لصَون “الاستقرار” في حرم المنشآت. من هنا، يمكن أن تفرض “Rosneft” وجود ضباط لحفظ الأمن خصوصاً وأن مالك الشركة إيغور سيتشين ، صديق مقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تسعى روسيا للوصول الى المياه الدافئة تحت أي ثمن كان. تسارع لتثبيت قدميها في بحر المتوسط قبل العام 2024، تاريخ انتهاء مفاعيل معاهدة “سيفر” التي تمنع تركيا من اعتراض أي سفن تجارية كانت أو حربية تمرّ عبر البوسفور (ومن المعروف ان روسيا هي أكبر المستفيدين من المعاهدة). في حال انتهت مفاعيل المعاهدة ونجحت موسكو في بسط سيطرتها، وتمكّنت بالتوازي من خلق تحالف تركي-روسي-إيرانيّ للهيمنة على الموارد والمنافذ النفطية بين لبنان وسوريا والعراق، ففي ذلك إضعاف لدور تصدير النفط الخليجي في الشرق الأوسط وهو ما ينعكس سلباً على الدور الأميركي في المنطقة.
كلّ ذلك يعني ان هذا العقد سرّي في الظاهر لأسباب مالية غير مبررة، إلا أن طياته وصفحاته ممكن ان تحمل مشروعاً عسكرياً أمنياً، وإلا ما الذي يبرر هذه السرّية المفرطة؟! في هذا السياق لا بدّ من الإشارة الى انه بالاستناد الى قانون حق الوصول الى المعلومات فإن جهات كثيرة تقدمت بطلبات للحصول على نسخة من العقد من بينها مدير عام وزارة المال السابق ألان بيفاني ولكن من دون أن تتجاوب وزارة الطاقة والمياه مع هذه المطالب.
مخالفات العقد القانونيّة
تشوب العقد مئات الهفوات غير البريئة:
- نص هذا العقد على إمكانية تمديد الاتفاق بكتاب موافقة من المشغّل أي الـoperator والـowner أي الوزير والمنشأة في طرابلس. إن أي تمديد لعقد يتضمن تشغيل مرفق عام أكان عقداً عادياً أو إدارياً يتطلب تصديق مجلس الوزراء عليه، فكيف بالحريّ اذا كان العقد يُعتبر من أخطر العقود على الاطلاق وأدقّها بما يتضمن من تنفيذ لأكبر مرفق عام في الدولة أي قطاع النفط والمحروقات، وأن يتم تمديده بكتاب موافقة من قبل الوزير أي ممثل المنشآت؟؟؟
- إن هذا العقد يجب ان يتم تمديده عن طريق اقتراح من الوزير الى مجلس الوزراء لكي يوافق عليه وبالتالي يكون هذا البند مخالفاً لأبسط القواعد المعمول بها، ويُعتبر غير قانونيّ وباطلاً ويُخفي في طياته موافقات مبطنة تحتاج بمعظمها الى تصديق من مجلس الوزراء.
- يعطي العقد الحق الحصري للمشغّل في ان يستعمل، يشغل، يدير، يحافظ ويستثمر تجارياً جميع خزّانات المنشأة موضوع هذا العقد، من دون ان يكون هناك أي إمكانية للدولة ان تناقش في ذلك. إن هذا الامر ينطبق عليه تعريف الـBOT، فالتشغيل وإعطاء الحق الحصري في جميع الأمور من تجارية الى إدارية الى استثمارية، يحتاج الى قانون وفقاً للدستور اللبناني وليس فقط الى قرار مجلس الوزراء الذي أصلاً لم يؤخذ بل تمت الموافقة عليه من قِبل الوزير ومدير المنشآت. هذا وتنص المادة 89 من الدستورعلى انّ إعطاء أي حق حصري يتطلب قانوناً. وحتى لو نصّ العقد في إحدى فقرات بنوده على أنه يقتضي على المالك، أي وزارة الطاقة، ان تقوم بجميع الإجراءات القانونية لإعطاء الحق الحصري المذكور للمشغل، فقد تم توقيع العقد وهو بات سارياً دون استصدار أي قانون من المجلس النيابي يجيز إعطاء هذا الحق الحصري(monopol)…
- يعطي العقد شركة” Rosneft” الحق الحصري لتأمين الخدمات المنصوص عنها وهي تأمين المحروقات لتشغيل المرفق النفطي مما يعني عدم إمكانية وصول أي محروقات من أي جهة كانت غير المشغّل لهذا العقد .
- وقد نصّ صراحة على ذلك إذ تضمن المنع المطلق إلا في حال السماح وموافقة المشغّل على أن يعطى بصورة استثنائية أي شخص او شركة تسهيلات ممكن ان تؤثر على الحق الحصري المعطى اليه(أي الى المشغل).
- إن أخطر ما في هذا العقد، هو عدم السماح للدولة اللبنانية بالتفاوض أو بالتفكير حتى بالحصول على عرض من جهة ثالثة لتطوير أو إنشاء أي خزان جديد حتى ولو لم يكن مرتبطاً بموضوع العقد إلا بعد تبليغ المشغّل خطياً وعدم أخذ أي إجراء قبل الموافقة عليه من قِبل هذا المشغّل. ويعطى المشغل خلال 30 يوماً الأفضلية على الجهة الثالثة أو أي جهة أخرى بتقديم عروضه الجديدة في حال كان مهتماً بها. وفي حال مرور المهلة دون أي اهتمام من المشغل أو إذا رفض المالك عرض المشغل فإن ذلك يعطي الحق عندئذ للمالك بأن يتفاوض مع جهة ثالثة.
إن ما تمّ سوقه أعلاه يتعارض بصورة صريحة مع القوانين اللبنانية وخصوصاً قانون المحاسبة العمومية الذي يفرض موجب التنافس والشفافية في كل مرة أرادت فيها الدولة ان تقوم بمناقصة لاستيراد أو تخزين المحروقات. فإعطاء حق الأفضلية للمشغل دون الإعلان عن ذلك وفقاً للأصول القانونية لكي يتسنى للشركات المنافسة تقديم عروضها، يُشكّل مخالفة كبيرة للقانون ولا يمكن بالتالي وضع هكذا بند يعطي إضافة الى الحق الحصري حق الأفضلية للمشغل على باقي العروض المقدمة من الشركات، مما يجعل الدولة اللبنانية في وضع المتعاقد الضعيف الذي ينتظر رحمة وموافقة المشغّل ليتمكن في حال عدم اهتمام الأخير بالعرض الجديد أن يبدأ مفاوضاته مع جهة ثالثة. وهذا تدمير مطلق لصلاحيات وسيادة الدولة اللبنانية ككل في تقرير كيفيّة إدارتها لمرفقها العام.
سرّيّة باطلة
إنّ الفساد الأقوى في العقد يكمن في بند السرّية المطلقة والتامة وهو ما يناقض المبادئ المنصوص عنها في قانون المحاسبة العمومية. ولا يندرج ضمن ما استثناه قانون حق الوصول الى المعلومات ، مما يجعل هذا البند باطلاً بطلاناً مطلقاً لانه لا يجوز للدولة إضافة الى كل المخالفات السابقة ان توافق على إدراج مضامين في البند تكون تحت سرّية مطلقة. فعقد Rosneft لا يتعلق بالامن القومي ولا بتنسيق أجهزة مخابراتية في ما بينها، بل انه لا يعدو كونه يشارك في تنفيذ مشروع في مرفق عام مشابه لأي مرفق آخر تملكه الدولة كالمواصلات والاتصالات… وهنا تكمن كل التخوفات في تعلّق بنود العقد مباشرة بـ”توظيفات وهمية” لأشخاص تُثار حولهم شبهات عديدة… فقد نصّ العقد الموقّع بين ” Rosneft ” و “Lebanon Oil Installations” على منح استثمار الأراضي التابعة للمنشآت على الأراضي اللبنانية “كافة” (أي طرابلس والزهراني) لمدة 20 عاماً، وذلك لتطويرها وإصلاحها وجعلها أكبر مستودع لتخزين المشتقات النفطية بمختلف أنواعها على البحر المتوسط. في هذا السياق، كثيرة هي علامات الاستفهام التي تحيط بصفقة بهذا الحجم وبهذا الغموض وأيضاً بهوية المستفيدين منها.
- بالرجوع الى العقد، فهو يتضمن إدارة مباشرة لمرفق عام النفط، ويجب ان تكون للإدارة فيه حقوق وصلاحيات تفوق تلك العائدة للمشغّل (operator) إلا أنه بالرجوع الى واجبات المالك owner فإنه يتبيّن أن هذه الواجبات هي في الحقيقة إذعان لشروط المشغّل الذي يمكنه في غالبية الحالات فرض شروطه وعلى الإدارة الانصياع لذلك تحت طائلة إحالة الخلاف على خبير (expert) معيّن وفقاً للأصول المنصوص عنها في العقد. وعلى سبيل المثال، ان الدولة – وزارة الطاقةـ مسؤولة عن تأمين تسهيلات ملكية الـ offshore ليس فقط للمشغل عند تسليم المنتج الـproduct بل أيضاً لزبائن المشغّل customers.
- ان كل عقد إداري يتضمن دائماً صلاحيات إضافية للإدارة المتعاقدة. يكون لها فيها صلاحيات واسعة وحقوقاً تُرجَّح كفّتها لها. هذا المبدأ مستقى من غاية كل عقد تجريه الدولة وهي إدارة مرفق عام يعود نفعه للجميع ويهدف الى تحقيق المصلحة العامة وليس المصلحة الخاصة.
- إن الدولة المالكة يجب ان تؤمن لصالح المشغل جميع البنى التحتية والعناصر البشرية اللازمة وتحت مسؤوليتها وإشرافها لتسهيل عمل المشغل في حين أن هذا الأخير operator ليس مسؤولاً بالمقابل عن أي خلل ناتج عن التشغيل إلا في حالات ضيقة قد لا تتحقق على الإطلاق.
- إن قانون المحاسبة العمومية يفرض ان تكون كل العقود الإدارية مطابقة لدفتر شروط عام أو خاص تندرج فيه مسؤوليات المتعاقد معها أي المشغل في الحالة الحاضرة. هذا الامر غائب في العقد ولا يمتّ بصلة الى دفاتر الشروط العامة أو الخاصة الواردة في قانون المحاسبة العمومية.
- إن العقد الحالي وبالمقارنة مع واجبات الدولة وواجبات المشغّل، لا ينطبق على العقود المدنية المتبادلة(contrat synallagmatique )هذا في حال سلّمنا جدلاً ان العقد هو عقد عصري مشابه للعقود المدنية. وذلك لان الموجبات الملقاة على الدولة هي أكثر بكثير من تلك الواقعة على المشغّل وليس هنالك أي سلطة للإدارة المتعاقدة،تستطيع ممارستها على المشغّل حفاظاً على استمرارية المرفق العام.
- إن العقد الراهن هو أقرب الى عقد إذعان (contrat d’adhesion)لصالح المشغّل وهذا النوع من العقود شائع لدى شركات التأمين والمصارف بحيث يُفرض على الزبون فرضاً، فإما يوقّع أو لا يوقّع دون إمكانية تعديل أي بند. وفي الحالة الحاضرة بدلاً من ان يكون المشغّل هو الزبون نرى ان الدولة باتت الزبون المذعون والمشغّل هو الذاعن والفارض بنوده وهذا الامر خطير لدرجة انه يعرّض مرفق عام النفط في لبنان برمّته لخطر التحكّم به من قِبل شركات عالمية تفرض دفاتر شروطها دون المرور بأدنى الضمانات التي يجب ان يتمتع بها العقد وبما يتعارض بصورة مباشرة مع قانون المحاسبة العمومية.
- ان جميع العقود التي تجريها الدولة يجب ان تصاغ أولاً باللغة العربية وثانياً باللغة التي إما يطلبها المتعاقد أو يتم الاتفاق عليها بين فرقاء العقد. في الوضع الراهن، وخلافاً للمبادئ العامة، العقد محرّر باللغة الإنكليزية فقط. وإذا تمعّنّا في بنوده، نرى ان تحريره بالإنكليزية تمّ بصورة قصدية غير بريئة لان العبارات المستخدمة فيه فضفاضة لدرجة انه اذا ما أردنا ترجمتها الى العربية، لن نتمكن من نقلها بمعناها القانوني كما جاءت في الإنكليزية. فحرفية الترجمة لن تكشف ما أُخفي من أهداف مستترة في بنود العقد وهذا الامر واضح من خلال البنود المتعلقة بالـ”owner obligations” والـ ” owner services ” والـ”operator obligations” والـ” work development”. باختصار بُني العقد على تعابير بالإنكليزية ليس لها مقابل في اللغة العربية بسوء نيّة.
تقنيات العقد
تستحوذ “Rosneft” على كل تفاصيل المشروع. وذلك يبدو واضحاً من خلال امتلاك” GPOB Limited” لـ 100٪ من أسهم” Levant storage” (التي يحتوي سجلها التجاري على أسماء ذات ارتباطات ومرجعيات معروفة). هذا ويساعد “دار الهندسة” المنشآت كخبير ” consultant ” لمراقبة ومراجعة كل المستندات المتعلقة بالمشروع.
في تشرين الأول من العام 2021 المنصرم أجرت وزارة الطاقة والمياه مناقصة لتعيين استشاري فني للمساعدة في مراجعة الوثائق المقدمة من قبل “GPOB Limited”. (شركة تابعة لشركة Rosneft) لتطوير مجمع تخزين في منشآت النفط في طرابلس وإعداد وثيقة مناقصة EPICC والاختصاصات، والتي تشمل إعادة تأهيل أربعة خزانات وتصنيع ثلاثة خزانات جديدة لتخزين نواتج تقطير الزيت السائل في منشأة النفط في طرابلس مع تقديم المساعدة الفنية وفقا للشروط الواردة في دفتر الشروط المعد لهذا الغرض. حازت “دار الهندسة” على المناقصة. في هذا الإطار قامت بتحضير تأهيل مسبق(pre-qualifications) للشركات المهتمة بالمشاركة في المناقصة. أُقفل باب تقديم الطلبات.
8 شركات أبدت اهتمامها وتقدمت للتأهيل المسبق، وهي:
- Butec(لبنانية)
- Saipem(إيطالية)
- Petrojet(مصرية)
- Chemie tech(إمارتية)
- 77 international(تركية)
- PEG (إيطالية)
- kettaneh(لبنانية)
- encogroup(لبنانية)
هذا وستكشف الأيام القليلة المقبلة من من الشركات الـ8 ستتأهل مع الإشارة الى انه بحسب نظام المناقصات يجب ألا يقل عدد الشركات عن 2 وذلك من أجل ضمان المنافسة.
ماليّة العقد
في الشق المالي، إنّ الأرقام الواردة في العقد غير مدعّمة بالنسبة الى عقد تمتد مهلته الزمنية الى 20 عاماً. التكاليف الاستثمارية للمشروع (90 مليون دولار)كما هو وارد في العقد، ستتكفل الشركة الروسية بدفعها، يُضاف اليها عقد إيجار قد يصل مردوده الى 175 ألف دولار شهرياً. في هذا السياق، لا بدّ من الإشارة الى أنّ الأسعار المعتمدة في العقد مجحفة بحق الدولة اللبنانية، وهي لا تتلاءم مع المعايير المعتمدة في دول أُخرى.
يمكن ان تشارك إدارة المنشآت بالتمويل عبر بند سُمّي التمويل المشترك (Co-financing).أي ان الدولة عبر منشآتها تملك حقوقاً في تمويل المشروع مقابل خفض مدّة الاستحواذ في حال شاركت في الأكلاف الاستثمارية.
ودائماً بحسب العقد، يتوجّب على إدارة المنشآت ومن خلفها الدولة تحمّل المخاطر التقنية بالإضافة الى إصلاح أنابيب عمرها عشرات السنوات على نفقتها حتى تتمكن” Rosneft” من الاستفادة منها وتشغيل المجمّع التخزينيّ الجديد. وهذا مثال صارخ على الأخطاء التقنية التي تشوب العقد والتي تتحمل مسؤوليتها إدارة المنشآت السابقة.
علاقة ” Rosneft” بـ”حلَيس”
أُجّل مشروع ” Rosneft”بعد قضيّة الفيول المغشوش. فالمخطط بأكمله مرتبط لا بل محصور بسركيس حليس ومراسلاته لا سيما وان العقد يبيح استعمال جزء من الأراضي التابعة للمنشآت في طرابلس من دون أن يأتي على ذكر منشأة الزهراني والتي يؤكّد معنيون في هذا الملف المتشعب ان الشركة الروسية تحضّر لها مشروعاً يتماشى مع الخطة الموضوعة لطرابلس.
مثال آخر على الوقاحة المُعتمدة نهجاً في العقد هو تسمية سركيس حلَيس لتمثيل الدولة في العقد. في العادة، لا تسمي الدولة أشخاصاً لتمثيلها بل انها تحدّد مراكز (كمدير لجنة إدارة المنشآت). تشكّل هذه الواقعة إثباتاً إضافياً على ارتباط المشروع برمّته بشخص سركيس حليس التابع لتيار المردة.
في جميع الأحوال، يشكّل العقد وسيلة للتواجد الروسي شمالاً وجنوباً وتطويق الحدود اللبنانية. بالتوازي، تفيد معلومات عن استملاكات أراضي تتمّ في محيط مطار القليعات، ما يعني أنّ الهدف من”Rosneft” التحكّم بمطار القليعات وامتلاك قاعدة جوية ذات موقع استراتيجيّ، ما من شأنه ان يضمن قيام مشروع تكتيكيّ متكامل.
كلّ ذلك يطرح عدة تساؤلات عن توقيت الاستعجال، خصوصاً وانه من غير المعروف أين يمكن أن يخزّن لبنان نفطه في حال استُكمل المسار الاستكشافي لتحالف “TOTAL” و”ENI”و”Novatec” وصار في مرحلة الاستخراج، بما أنّ تفاصيل العقد مع ” Rosneft” تمنع أي استثمار يتعارض مع مصالح الشركة الروسية!
لذا،يبقى السؤال: كيف سيكون موقف الولايات المتحدة الأميركية تجاه لبنان الذي يتعاطى مع جهات مدرجة على اللائحة السوداء لديها؟ وهل يتحول لبنان الى دولة مارقة(Rogue State) من مجموعة الدول الخارجة عن القوانين والمعاقَبة والتي تنشط بتهريب الكبتاغون والأسلحة وحتى النفط كإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية؟ وهل يتم الضغط بملف ترسيم الحدود للتخلّي عن مشروع ” Rosneft”؟ وهل الهدف الاستيلاء على قدرة لبنان التخزينية أيضاً في منشأة الزهراني؟ ولماذا تماطل وزارة الطاقة والمياه وتتجنب التطرق الى هذا الملف الذي تفوح منه رائحة الفساد خصوصاً وأن منشأة الزهراني تختلف لناحية طريقة استملاكات الأراضي عن منشأة طرابلس؟ في العادة يكون المدى الزمني فترة متوسطة قابلة للتجديد فلماذا وُهب هذا العقد فترة طويلة الأمد؟ ولماذا أصلاً حظيت الدولة الروسية عبر شركتها “Rosneft” بهذا الامتياز؟ وفي المحصّلة ماذا سيكون مصير لبنان في حال اعتبرت الإدارة الأميركية العقد الموقّع لـ20 عاماً تحايلاً على وزارة الخزانة الأميركية ومقرّراتها خصوصاً وأنّ الواقع يحمل أكثر من دلالة، تبدأ بأهميّة المشروع استراتيجياً لتوغّل روسيا في المنطقة، وتحديداً في إقليم كردستان – العراق، وقد لا تنتهي بتورّط سياسيين لبنانيين في هذا الملف المتشعّب؟!
العقد “ملغوم” وهو جاء كالعادة لمصالح مافيا المال والسياسة على حساب الدولة اللبنانية، كما أنه يكرم الشركة الروسية ويهديها احتكاراً لناحية التخزين النفطي ما يضع استثمارات استخراج الغاز اللبناني أمام مخاطر محدقة، إذ أنه لن يجد مكاناً يُعالج ويُخزّن فيه بعدما تفرّدت “Rosneft” بكل سعات لبنان التخزينية؛ يتضمّن العقد بوضوح بنداً ينص صراحةً على أنه يعود للشركة أن تقرر إن كانت توافق – بحسب مصالحها – على منح أذونات للدولة في حال أرادت بناء خزّانات على أراضيها. أما الأهم فمتمثّل بمخاطر استخدام لبنان كمنصة لتخزين وإعادة تصدير نفط الدول المعاقبة دولياً.
تشير كل المعطيات الى أنّ المشروع هو امتداد لـ” Rosneft” في المنطقة. وهو كذلك امتداد للسيطرة الميدانية على الشرق الأوسط بدءاً من الامن العسكري وصولاً الى الامن الطاقوي. أما الفساد الظاهر في المشروع فمتمثل في سيطرة شركات مشبوهة ذات نفوذ استراتيجيّ في المنطقة ولها شركاء محليون، وهنا يكون ما يثير التخوّف هو إدارة” GPOB Limited” للمشروع تحت توظيف سياسيّ ضدّ مصلحة لبنان.
لا بدّ من الإضاءة على خطورة مشروع ” Rosneft” الاستراتيجي التخزينيّ – السرّي للمواد النفطية في منشأتَي طرابلس والزهراني. فللشركة الروسية امتدادات، بعضها مشبوه كما هي الحال في إقليم كردستان – العراق تحديداً لناحية العلاقة مع رجل الاعمال الباكستاني الأصل مرتضى لاخاني. وهنا ايضاً يجب التركيز على المخطط المرسوم للبنان خصوصاً وأن لاخاني منخرط أصلاً منذ العام 2016-2017 في صفقات مع شركاء لبنانيين وتحديداً مع شركة “ZR Energy” المملوكة من الأخوين تيدي وريمون رحمه أكان ذلك في العراق أم في مشاريع لبنانية، وهو ما يؤكده فتح حساب لشركة لاخاني “IMMS” في “Bank Med” تحديداً.
بالعودة الى السنوات الخالية، بالاخصّ عندما أبدت الحكومة العراقية ترددًا في لعب الكرة مع “Rosneft “، تحول مديرها إيغور سيتشين، وهو صديق مقرب من الرئيس الروسي بوتين ، إلى حكومة إقليم كردستان (شبه المستقلة) ، والتي أبدت حكومتها في أربيل اهتمامًا كبيرًا بالعمل مع موسكو. تحرك هذا الطريق بسرعة إلى الأمام في مواجهة بغداد الغاضبة. وتعهدت شركة” Rosneft” يومذاك باستثمارات بمليارات الدولارات في كردستان، فكوفئت بملكية خطوط أنابيب تصدير النفط الكردستانية غير الساحلية إلى تركيا مقابل تعويض لامس الـ3 مليارات دولار.
قبل تصنيف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لشركة “Rosneft” ، نشرت “Lloyd’s List Maritime Intelligence” مقالاً بعنوان “تاجر النفط يلجأ الى طريق غرب إفريقيا للشحنات الفنزويلية”، والذي وصف أنشطة سفن أُكّد انها تقوم بعمليات نقل النفط الخام المحملة من فنزويلا قبالة سواحل لومي، توغو. وقد أظهرت التحقيقات أنّ مهرّب الشحنات ومالك هذه السفن هو تاجر النفط المعروف لكن البعيد عن الأنظار مرتضى لاخاني، وهو المدير التنفيذي لشركة” IMMS” التي تبيع الثروة البترولية لكردستان والذي قام بشراء الشحنات من ” Rosneft” بشكل مباشر. فلاخاني والشركة الروسية على علاقة تجارية واستراتيجية وثيقة.
وقد سبق لوكالة “Bloomberg” أن وثّقت كيف أنّ”Rosneft” الروسية العملاقة للنفط قدمت قرضاً لحكومة إقليم كردستان، على ان يتم تسديدها ببراميل من النفط الخام. شكّلت هذه الواقعة اكبر مشاريع رجل الاعمال الباكستاني التجارية وهي تسويق منتج نفطيّ صعب: فنزويلا. وعلى مدى عدة أشهر في العامين 2019 و 2020، ساعدت شركة لاخاني في شحن النفط الخام الفنزويلي عبر مسار غامض -حيث كانت ناقلاته للنفط تلتقي خلال رحلاتها في منتصف الطريق تحديداً قبالة الساحل الغربي لافريقيا ، لنقل المواد المهرّبة من سفينة الى أخرى بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على “Rosneft Trading SA”.
بدأ لاخاني عبر ” IMMS ” العمل مع حكومة إقليم كردستان العام 2014 فساعد في تصدير النفط الخام من خلال الخدمات اللوجستية والشحن وخدمات إدارة الموانئ. وسرعان ما اجتذبت ثروات كردستان”Rosneft”. وفي شباط 2017، أعلنت “Rosneft” عن أول صفقة لشراء النفط الكردي ليوقع الجانبان بعد اشهر قليلة واحدة من اكبر الصفقات النفطية في تاريخ المنطقة، وليشكل وصول “Rosneft” وأموالها نقطة تحول بالنسبة إلى لاخاني.
منذ أشهر، أُثيرت القضية التي رفعها مساهمو شركة”Orange” و “Agility”(وهي شركة كويتية تقدم خدمات لوجستية وبنى تحتية في مختلف القطاعات) ضد” Korek”(مشغل الاتصالات الخلوية العراقية وتملكها عائلة برزاني). فعام 2013 ، سحبت هيئة تنظيم الاتصالات العراقية التفويض من شركة ” Korek ” لخرقها العديد من الالتزامات ، مما أدى إلى طرد “Orange” و “Agility” المستثمرتَين في الشركة العراقية. كانت”Korek” قد ضمت ريمون رحمه الى مجلس ادارتها قبل سحب تفويضها واتهامها بخرق القوانين. رُفعت دعوى لدى محاكم الولايات المتحدة تتّهم رحمه في قضايا اختلاس اموال عائدة الى عائلة بارزاني، وترافق ذلك مع عدة تقارير اعتبرت ان الرجل قام بجرم تبييض الأموال.
أدى هذا الملف الى فتح تحقيقات في قضايا فساد من قبل سلطات كردستان-العراق. ومن ضمن القضايا المشبوهة، مسألة تحويل مليار دولار لحساب شركة “IMMS” والتي استضافها “بنك ميد”. وهكذا،سُلّطت الاضواء على الروابط بين “بنك ميد” و”آل رحمه” وشركة مرتضى لاخاني”IMMS”.
واتّضح أنّ”رجال” آل البرزاني المغضوب عليهم أي الاخوين رحمه ولاخاني يتشاركون المغانم اللبنانية عبر “بنك ميد” الذي تملّك فيه رحمه حصة من الأسهم بلغت حوالى الـ20٪.
الشركات المرتبطة بـ”Rosneft”
بالعودة الى مشروع “Rosneft”، وعلى هامش قضية الفيول المغشوش، ورد في القرار الظني في 28-04-2020، في إفادة احد العاملين في ” ZR Energy SAL” التي يرأس مجلس إدارتها تيدي رحمه أنه علم من خلال عمله في الشركة ان المناقصة التي ربحتها شركة”ROSNEFT” هي مناقصة شكلية، وانها بالاساس لمصلحة شركة” ZR Energy” وان الاخيرة هي التي اعدت المناقصة، وان تيدي رحمة كان قد نسّق الموضوع مع سركيس حليس لجهة استثمار المنشآت النفطية في طرابلس للسنوات المقبلة. أما المناقصة كما جاء على لسان الشاهد فقد تمّت بالاستناد الى اتفاق جانبي مع شركة” ZR Energy” التي تقدمت أيضاً للمناقصة بسعر اعلى بقصد ارساء الصفقة على الشركة الروسية، المتواجدة كما” ZR Energy” في العراق.لم تُعَر هذه الإفادة أية أهميّة، وصُبّ كامل الاهتمام لإخراج الاخوين رحمه من القضية بسلاسة وإيجاد “كبش فداء” يتمّ تحميله كلّ القذارات المرتكبة في عالمَي النفط والمال.
أما الشركات المرتبطة بـ Rosneft حتى اللحظة فهي:
- “Riverlake”: يرتكز عمل الشركة الرئيسي على 3 محاور وهي أولا تزويد الخدمات الوساطة البحرية، وثانياً تطوير محطات تخزين النفط والغاز والطاقة المتجددة، وثالثاً تقديم خدمات في مجال البنى التحتية. تعمد الشركة الى بيع كل الخدمات المرتبطة في الصناعة النفطية التي يتم إعدادها مع الاستراتجية المتعلّقة بكلّ مشروع في وحدة خاصة لديها هي أشبه ببنك للداتا.
- “Bank Med” الذي استقبل كفالة “GPOB Limited” المصرفية وتحديداً في 12-04-2019 وتصل قيمتها الى 15 مليون دولار(تُدفع لمرة واحدة) وتُجدد تلقائياً الا في حال أبلغت”GPOB Limited” المصرف صراحةً عدم رغبتها بالتجديد.
- ” Elard “: شركة متخصصة بدراسة الأثر البيئي وقد ارتبط اسمها في العديد من المشاريع التابعة لوزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول.
- ” Levant Storage ” ذات الشريك الواحد. يتضمن موضوع الشركة المسجّلة في 23/09/2019، القيام في لبنان والخارج بالاعمال التالية: تشغيل وحيازة واستعمال وصيانة وإدارة وتطوير واستثمار وغيرها من الأعمال المتعلّقة بمنشآت تخزين النفط وأي منتج نفطي مكرر. بصورة عامة، يمكن للشركة ان تتعاطى بأي من الاعمال والعمليات التجارية المتعلقة مباشرة أو غير مباشرة بالموضوع المذكور أو التي تسهّل تنفيذه أو تطويره أو أي نشاطات أخرى وفقاً لما يقرره الشريك الوحيد من خلال تعديل موضوع الشركة.
الملفت وفقاً للسجلّ التجاري هو أسماء المحامين والذين ينتمي كلّ منهم الى مكتب محاماة مستقلّ من دون ان ننسى طبعاً المرجعيات، سياسية كانت أم تجارية، لكلّ من الأسماء. المقصود هنا تحديداً هو اسم رندى شاكر أبو سليمان، شقيقة الوزير السابق كميل أبو سليمان والمعروف أنه محامي مرتضى لاخاني في لندن عبر مكتب “Dechert”الدولي(وهو شريك أساسي فيه) والمرتبط اسمه ايضاً بتمثيل رحمه منذ العام 2015 ولغاية 2019 تاريخ استلامه لوزارة العمل.
ويوسف سجعان الخازن وهو بدوره أحد محامين محامي الأخوين رحمه عبر “Sonatrach”.
تفوح من المؤامرة التي تسيّج العقد رائحة المصالح السياسية-التجارية الداخلية من جهة، ومن جهة ثانية التواطؤ في لعبة أممية تفوق حجم لبنان وإمكانياته. وممّ لا لُبس فيه أن بروز اسم “ZR Energy ” ذات الامتدادات الاستراتيجية في أكثر من مجال، لا يترك أيّ شكّ عن أعمال الشركة الاقليمية. ترفع هذه المعطيات في الواقع احتمال أن تكون المواد النفطية المستوردة الى لبنان من مصادر مريبة، ما يفسّر المنحى الذي كانت تتّخذه الاسعار المقدّمة أحياناً في المناقصات لصالح منشآت النفط وإدارتها.
أما وسيط المليارات النفطية مرتضى لاخاني الذي أدخل الشركة الروسية الى المنطقة والذي سبق واستخدم “بنك ميد” كمركز مقاصة لأمواله فبدوره شريك في الصفقة اللبنانية تماماً كآل رحمه وهو ما يؤكده وجود حسابات مصرفية مشتركة بين ريمون رحمه ولاخاني في أكثر من مصرف لبناني من بينها “بنك ميد”، الامر الذي يرجّح فرضية تهريب أموال البرزاني الى بيروت لاستخدامها في عدد من الصفقات. لكن ورغم كلّ شيء، هناك أمر واقع واحد وهو أنّ تيدي وريمون رحمه ومرتضى لاخاني مع شركة Rosneft يشكلون ترويكا السياسة النفطية اللبنانية للاعوام الـ20 المقبلة وذلك بغطاء مصرفيّ واسع.
أما العقد فليس الا إثبات صارخ لفساد الإدارة العامة في مجال النفط والبرهان الأكبر على تدخّل وتشعّب “مافيا” ثلاثية الأطراف متعددة الاستفادات والبازارات السياسية في استنزاف موارد هذا المرفق الذي كان السبب الرئيسي بهدر للمال العام منذ أواخر التسعينيات الى يومنا هذا.
شبه مستحيل هو استئصال هذا الكارتيل الاخطبوطيّ المتجذّر في وزارة الطاقة والممتدّ الى القطاع المالي بشقّيه العام والخاص والذي يخدم أجندة محدّدة الأطر والاهداف خصوصاً بعد نجاحه بالاستحواذ على “سيادة” الدولة اللبنانية فقط بـ90 مليون دولار…







