عون: قطع الطرق مرفوض.. هذا ما أقرّ في اجتماع بعبدا “الاقتصادي والمالي والامني والقضائي”

ترأّس رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون اجتماعاً اقتصادياً، مالياً، أمنياً وقضائياً في حضور رئيس مجلس الوزراء  حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة ومدّعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان وعدد من المسؤولين في القطاعين المصرفي والصيرفي .

في مستهل الاجتماع أكّد رئيس الجمهوريّة أنّ الأوضاع المستجدّة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج الى معالجة سريعة لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرّر في سعر صرف الدولار بالتزامن مع شائعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار.

وأضاف الرئيس : أن هذا الواقع يفرض اتّخاذ اجراءات سريعة وحاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيّين من خلال رفع الأسعار على نحو غير مبرّر. أمّا الاجراءات فهي ذات طبيعة ماليّة، قضائيّة وأمنيّة.
وحذّر من خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني .

وطلب من الادارات والجهات المعنيّة قمع المخالفات التي تحصل لا سيما التلاعب باسعار المواد الغذائيّة واحتكارها وحرمان المواطن منها .

مشدّداً على عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس داعياً الأجهزة الأمنيّة والادارات المختصة الى القيام بواجباتها في هذا المجال كذلك طلب الرئيس من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للاساءة للبلاد لاسيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية.

وتناول الرئيس الوضع الأمني في البلاد فقال انّه اذا كان من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر الّا أنّ اقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب الى اعمالهم لا سيما بعد أسابيع من الاقفال العام الذي فرضه حال التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا . وقال الرئيس أنّ قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصاً وأن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار .

ونبّه رئيس الجمهوريّة اللبنانيين الى خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المساس بوحدة الوطن واثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها مؤكداً أنّه ماضٍ في برنامجه الاصلاحي مهما بلغت الضغوط وقال : أنا أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع .

بدوره تحدث رئيس مجلس الوزراء فقال :

الوضع الذي وصلنا إليه على مستوى عالٍ من الخطورة. هناك من يتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي كيفما يشاء، ويتحكّم بمصير البلد.

هل يعقل أن تتحكّم منصّات مجهولة بسعر صرف الدولار والدولة بكل أجهزتها عاجزة عن مواجهة هذه المنصّات؟!

هذه المنصّات سياسية وليست مالية، ولذلك فإن هدفها الحقيقي ليس تحديد سعر الصرف في السوق السوداء، إنما تهدف إلى خراب لبنان عبر التأثير على الواقع الاجتماعي والمعيشي لتحريض الناس ودفعهم للخروج إلى الشارع.

المشكلة أن هذه المنصّات، وعلى الرغم من أنها لا تعكس فعلياً سعر صرف الدولار، إلا أنها أصبحت مرجعاً للصرافين وكذلك بالنسبة للتجار في مختلف أنواع البضائع.

هناك من يدفع البلد نحو الانفجار، ويجب أن يكون حسم وحزم في التعامل مع هذه القضية، وقطع الطريق على التلاعب بمصير البلد من قبل جهة أو جهات تتآمر على الناس ولقمة عيشهم وتتلاعب بالاستقرار الاجتماعي والأمن الوطني.

أما بالنسبة لموضوع التهريب والتخزين فقد عقدت اجتماعات متكررة مع الوزراء المعنيين ورؤساء الأجهزة الامنية والتي اعطيت خلالها توجيهات واضحة وحاسمة لمنع التهريب والاحتكار، واصدرت بتاريخ 23/2/2021 قراراً كلفت بموجبه وزراء الدفاع والداخلية والمالية والاقتصاد لوضع خطة متكاملة للتشدد في تطبيق التدابير التي من شأنها مكافحة ظاهرة الاحتكار والغش والتلاعب بالأسعار، لاسيما في الشق المتعلق بالمواد الغذائية والاحتياجات الاساسية للمواطنين، إضافة الى تشديد الرقابة على جميع المعابر الحدودية لاسيما البرية.

كما أعطيت توجيهات بإنشاء غرفة عمليات مشتركة تضم الوزرات المعنية والاجهزة الامنية لاتخاذ اجراءات عملانية في سبيل انفاذ ما تقدم. كما طلبت من مدعي عام التمييز إعطاء التوجيهات اللازمة للأجهزة الامنية في ما يتعلق بمنع التهريب لتنظيم هذه المسألة، لاسيما اتخاذ الاجراءات القانونية بحق من يستعمل عن قصد فيديوهات قديمة لخلق ردة فعل اضافية من قبل المواطنين.

بعد ذلك تحدّث عدد من المشاركين في الاجتماع حول الأوضاع الماليّة والنقديّة والأمنيّة وكان تشديد على ضرورة تشكيل حكومة جديدة وفقاً لمبادئ الدستور وأحكامه تتولى تنفيذ الاصلاحات وخطّة النهوض الاقتصادي.

وبعد التداول تقرّر الآتي :

أولاً – تكليف الاجهزة الامنية ضبط جميع الاشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أوغير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.

ثانياً – تكليف، بناءً لإشارة القضاء، الاجهزة الامنية العمل على استكمال اقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الاميركي تجاه الليرة اللبنانية ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الالكترونية بالاستناد الى القوانين الدولية المرعية الاجراء.

ثالثاً – تكليف الوزارات المعنية والاجهزة الامنية العمل على ضبط استعمال العملة الاجنبية إلا لغايات قطاعية تجارية او صناعية او صحية وذلك لتأمين المتطلبات الاساسية للمواطنين.

رابعاً – تكليف وزارة الخارجية والمغتربين تكثيف العمل الديبلوماسي لحث الدول المانحة على مساعدة النازحين السوريين في وطنهم الام.

خامساً – التأكيد على ضرورة وأهمية إعداد وإقرار مشروع القانون المعروف بالـ capital control.

سادساً – الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة.”

القصيفي يحيي الإعلاميات في عيد المرأة العالمي: هن نبض الوطن وبسمة الرجاء رغم الغيوم السوداء

 هنأ نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي المرأة في مناسبة عيدها العالمي وقال: “في هذه الايام العصيبة التي تعصف بوطننا لبنان، الغارق في ازماته، المتجه الى الهاوية ، ووسط سحب الدخان المرتفعة على امتداد ساحاته وطرقه، وصرخات الالم والمعاناة، تحية الى المرأة في يومها العالمي ، وخصوصا المرأة اللبنانية العاملة، الام، المكافحة في سبيل وطنها واسرتها.في هذه المناسبة احيي الزميلات الصحافيات والاعلاميات اللبنانيات اللواتي اثبتن حضورهن في عالم المهنة مراسلات ميدانيات، مذيعات، كاتبات محللات، محررات ، مصورات ومخرجات، واستطعن ان يفردن لانفسهن مكانة عالية في مجال عملهن”.

ولفت الى “ان ارتفاع نسبة العاملات في الاعلام والمنتسبات الى كليات الاعلام في لبنان، يدل على الدور الفاعل والمؤثر للمرأة اللبنانية في صنع الرأي العام، وقيادة المجتمع. فسلام من القلب لزميلاتنا في يومهن العالمي ، في اي موقع او وسيلة . فهن نبض الوطن، وامل الغد ، وبسمة الرجاء رغم الغيوم السوداء المتكاثفة في سماء لبنان”.

النائب ابرهيم كنعان : الى متى الانكار؟

إرتكابٌ، هدرٌ، فسادٌ، أموالٌ منهوبة، انهيار الليرة، إهمالٌ وظيفي، مخالفات، وصايات، رشاوى، تلزيمات وهمية، دويلات، صناديق، هيئات، حسابات مغيّبة، انتخابات معلبة، أحزاب للإيجار، إقطاع… هذه، وغيرها، توصيفات “طبلت” آذاننا ولا تزال، والنتيجة واحدة: “إسهال” من المواقف والتصريحات البطولية وتحليلات وبرامج وتقارير إعلاميّة وخبراء وقطع طرق وشتائم واستغلال، ولكن لا شيء سوى مسؤولٍ واحد هو الحياد والتدويل!

إنّه دواء حالتنا السياسيّة الراهنة، لا بل مخدّرها: الإنكار!

إنكار الإصلاح لوقف الإنهيار المالي والاقتصادي وتداعياته.

إنكار الحكومة لوقف الإنهيار السياسي وتفكك المؤسسات.

إنكار تحرير القضاء وفقدان المرجعية والحق والعدالة.

إنكار الوباء والإنهيار الاجتماعي والصحي والاستشفائي.

إنكار الحلول والخطط الواقعية لوقف الإنهيار المصرفي وحجز الودائع.

إنكار “الثورة” للأفق السياسي والعملاني لأيّ تغيير، ما أدّى ويؤدي الى تدمير ما تبقى من مقومات المجتمع والدولة.

إنكار السلطة لخياراتها الخاطئة ونتائجها الكارثية على المالية العامة والودائع نتيجة وقف الدفع غير المنظم لسندات اليوروبوند، والتوظيف العشوائي الزبائني، والاستمرار في سياسة الدعم من دون ترشيد.

إنكار المعارضة للحلول وجنوحها للمزايدة والشعبوية، فتنتهي شريكة بكل ما يحصل.

إنكار لسيادة الدولة والقانون والجيش على الأرض والمؤسسات ما يؤدي الى فقدان القرار واستباحة الخارج للحقوق اللبنانية.

ماذا بعد؟ الإنفجار، ليضيع الحقّ وتذوب الهويّة ويزول الوطن وتنتهي القضيّة!

ونسأل: لماذا الحياد وعذاب البطريرك والمؤتمر الدولي أو الحكومة أو التحقيق بتفجير بيروت أو التدقيق الجنائي أو الثقة الدولية والإنقاذ المالي والنقدي وودائع الناس أو المحاسبة أو الحوار الداخلي…؟

هل هذا هو الحلّ الداخلي المنتظر؟ وهل هكذا نحمي لبنان من تدخلات خارجيّة أو مشاريع دوليّة مزعومة تستهدفنا؟

كيف للبنانيّين أن يثقوا بعد اليوم بحلٍّ داخليّ، وكيف لأحدٍ أن يشكّك بنيّات من يطالب بحلّ دولي أو بالحياد في ظلّ هذه المشهدية القاتمة وحالة اليأس التي وصلنا اليها، وبغياب أيّة مبادرة جديّة للخروج من هذا الوضع؟

وهل يشكّل تخوين من يطالب بحلٍّ خارجيّ بعد تعثّر الداخلي خروجاً من الأزمة أم إنكاراً لها ومواصلة الهبوط الى قعرها؟

بتنا، جميعاً، بحاجةٍ الى ثورةٍ من نوعٍ آخر. الى ثورةٍ على الذات يقودها رئيس البلاد، الذي به نثق بالرغم من الحملات كلّها، تجعلنا نخرج من حالة الإنكار القاتل فنضع المواقف السابقة جانباً لنجترح الحلول الاستثنائيّة، بدءاً من أزمة تشكيل الحكومة الى أزمة الودائع والماليّة العامة الى المسائل البنويّة والاستراتجيّة كافةً، لنستعيد ثقتنا بأنفسنا وثقة العالم بنا ونعود الى أصولنا وأساس نشأتنا ووطننا…

الى حياد بشارة الخوري ورياض الصلح و… صبري حماده الذي هو في صلب مبادرة البطريرك الماروني.

فلنوقف الإنكار فالإنهيار، قبل الإنفجار!

موقف “مهم” لقائد الجيش اليوم

علمت “نداء الوطن” أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون سيعقد اليوم إجتماعاً مع القيادة والضباط يتناول أموراً خاصة بوضع الجيش في هذه المرحلة الدقيقة، على أن يكون له موقف “مهم” أمام المجتمعين، إنطلاقاً من كل الأحداث التي تجري والتحديات التي تزداد نتيجة الأوضاع الإقتصادية والأمنية المستجدة.

عقيص: دافيد وبيتر ووليم أصدق ما في هذا الوطن

لفت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص الى أن “دافيد ملاحي، بيتر بو صعب، وليم نون، هم اليوم اصدق ما في هذا الوطن”.

واعتبر عقيص عبر “فيسبوك” أنهم “نموذج الأخ المجروح الذي لا يكتفي بالبكاء، بل يسعى للعدالة انتصاراً لدماء أخيه”

وتابع “انهم قدوة تحتذى في كيفية انتصار الايمان على الغضب، وتغلّب العزيمة على اليأس، وانتزاع القضاء الناصع من سواد القدر. كل الاحترام!”​.

دافيد ملاحيبيتر بو صعبوليم نون…هم اليوم اصدق ما في هذا الوطن.نموذج الأخ المجروح الذي لا يكتفي بالبكاء،بل يسعى…

Posted by George Okais on Sunday, March 7, 2021

نقيب محترفي التزيين شكر لرئيس الجمهورية إيعازه الى المعنيين بمعاودة العمل بدءا من الغد

شكر رئيس نقابة محترفي التزيين والتجميل الدولية النقيب نبيل متى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون “كل الدعم الذي قدمه لقطاع التزيين، وهو الذي استمع الى صرختنا وأوعز بالتجاوب مع مطلبنا معاودة العمل بدءا من يوم غد الإثنين، وهو ما تبلغناه من مستشاره للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري، وصدر اليوم رسميا عن غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث”.

وأكد متى “التزام القطاع بكل الاجراءات الاحترازية والوقائية، حفاظا على سلامة الزبائن كما عائلاتنا”.

وكان متى قد وجه كتابا الى رئيس الجمهورية أبدى فيه “كل استعداد للتجاوب مع المتطلبات التي إرتأتها اللجنة من أجل السماح لنا بمعاودة العمل”، مؤكدا “اننا لا نزال ملتزمين قرار الاقفال العام منذ 7 كانون الثاني”، وان “قطاعنا يعتاش منه أكثر من 150 ألف عائلة على امتداد لبنان وهو بالكاد يؤمن كفاف عائلاتنا. لذلك وجدنا أنفسنا نكابد منذ 7 كانون الثاني، فإرتضينا مراكمة الخسائر والخيبة، متسلحين بالصبر والترفع عن الألم والأذى. لكن أن نرى الحكومة وقد أجازت اعادة فتح غالبية المصالح والقطاعات الانتاجية والتجارية، فيما لا يزال مصدر رزقنا معلقا على قرارات كيفية، فهو ما لا نطيقه أو نقدر على احتماله”.

محذرا الحكّام من ثورة الجياع.. عوده: كيف تنامون وهم يماتون كل يوم؟

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى عظة قال فيها: “نسمي هذا الأحد في كنيستنا أحد مرفع اللحم أو أحد الدينونة. لقد عرفتنا كنيستنا المقدسة في الأحدين الماضيين على عنصرين مهمين يجعلان الصوم مقبولا، هما التواضع والتوبة. مع إنجيل اليوم، يزاد عنصر مهم آخر هو الرحمة. لا يقدم النص الإنجيلي اليوم مثلا بل تصويرا نبويا للدينونة الأخيرة، وكأن الإنجيلي متى يراها بعينيه على ضوء كلام الله. سوف يأتي ابن الإنسان في مجده كالملك فيدين جميع الشعوب ويزن سلوكهم في ميزان أعمال الرحمة التي يكونون قد مارسوها أو لم يمارسوها تجاه كل محتاج. لقد تماهى يسوع في الماضي مع التلاميذ، وها هو يتماهى مع كل تعساء الأرض. وهو لا يدين المؤمنين فقط بل جميع البشر، انطلاقا من هذه المحبة العملية. لقد صور لنا النص ابن الإنسان كديان نهاية الأزمنة، وهو يأتي من السماء ليدين الأرض كلها. يقول الإنجيل: وتجمع إليه كل الأمم”.

أضاف: “يصف النص الإنجيلي أعمال الرحمة التي يمكننا جميعا القيام بها كل يوم. وهذه الأعمال لا تتوقف على الثروة أو القدرة أو الذكاء، بل هي أعمال بسيطة، تقدم مجانا، تقوم على المحبة والرحمة، ولا عذر لنا في عدم القيام بها، أي إهمال من هم في حاجة، ولا يمكننا أن نترك هذه المسؤولية على الآخرين. إن كلمة إخوتي المستعملة في النص تشير إلى المتألمين والمحتاجين في كل مكان، وباستعمال ضمير المتكلم: لأني جعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني، وكنت غريبا فآويتموني، وعريانا فكسوتموني، ومريضا فعلتموني، ومحبوسا فأتيتم إلي… الحق أقول لكم بما أنكم فعلتم ذلك بأحد إخوتي الصغار فبي فعلتموه. يفهمنا الرب أن انتظاره، والعمل بمشيئته، يكونان في ممارسة المحبة الأخوية تجاه الذين يعيشون على هامش المجتمع”.

وتابع: “يقول القديس باسيليوس الكبير: إنك ربما لا تأكل لحما لكنك تنهش أخاك. ويقول القديس غريغوريوس النيصصي: ماذا ينفعك أن تصوم وتحرم نفسك من اللحوم، إن كنت بعد ذلك كله لا تقوم سوى بنهش أخيك بدناءتك؟ أي فائدة تجني، أمام الله، من عدم أكلك مما هو لك، إن كنت بعد هذا، وبتصرف غير عادل، تنتزع من يد الفقير ما هو له؟ أما القديس يوحنا الذهبي الفم فيقول: إذا كان الصوم عن اللحم يجعلك تأكل لحم أخيك، فلا تصم عن أكل اللحم ولكن كف عن أكل لحم أخيك. تشكل هذه الأقوال نموذجا عن فكر آبائنا القديسين، الذين يتفقون جميعا على أن الصوم غير المقترن بمحبة الآخر وخدمته ليس صوما حقيقيا”.

وقال: “اليوم نرفع اللحم عن الموائد، لكن الأهم هو أن نرفع قلوبنا إلى فوق، مثلما تدعونا الكنيسة في القداس الإلهي، وعندما نرفع قلوبنا نحو الله، نملأها محبة حقيقية، وهذه المحبة تظهر من خلال تعاطينا مع الآخر، كائنا من كان. المحبة الحقيقية لا يمكنها أن تبقى مستترة، بل تخرج إلى العلن، من خلال الأعمال. والصوم هو طريق لإظهار المحبة بالأفعال، من خلال انقطاعنا عن المأكل في سبيل مساعدة الآخر بما نوفره من ثمن ما انقطعنا عنه. هذا ما يريد الرب أن يعلمنا إياه من خلال نص إنجيل اليوم. يريد تذكيرنا أن كل إنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، ويجب علينا أن ننظر إلى كل شخص كأننا ناظرون إلى الرب. فمثلا، لا يمكنني أن آتي بالقرابين إلى الهيكل لتقديمها، وإذا رأيت شخصا جائعا في طريقي أتجاهله، بل ينبغي أن أعطيه مما أحمل، وهذه التقدمة سيثمنها الرب وستريح الراقد الذي قدمنا القرابين من أجل راحة نفسه”.

أضاف: “يعلمنا الآباء القديسون أننا متى أضفنا محتاجا، إنما نضيف الرب نفسه. هذا هو المعنى العميق لإنجيل اليوم، القائل على لسان الرب يسوع إننا متى أطعمنا الجائع، وسقينا العطشان، وآوينا الغريب، وكسونا العريان، وزرنا المريض والمسجون، إنما نفعل كل ذلك بالرب. رفع اللحم عن الموائد هو تمرين يساعدنا على التوقف عن نكران الآخر أو تجاهله أو تعذيبه أو سرقته أو عدم محبته، لأن الحياة المسيحية لا تكتمل إلا بسلوكين: السلام مع الله، والسلام مع الآخر. الرب يسوع، إبن الإنسان، هو الديان العادل، الذي يقول عنه متى الإنجيلي: إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله (16: 27). هنا نسأل: هل تتذكرون أن الديان العادل سوف يجازيكم على ما فعلتم بإخوته الصغار؟ هل تدركون أنكم تؤلمون الرب كلما تألم بسببكم إنسان، مخلوق على صورة الله ومثاله؟ هل يدرك المسؤولون عن هذا البلد أنهم إن أساءوا إلى شعبهم إنما هم يسيئون إلى الخالق الذي سيحاسبهم يوم الدينونة على كل عمل قاموا به. هل يدركون أنهم إن سلموا من عدالة الأرض بألاعيبهم لن يسلموا من عدالة السماء؟ ليت المسؤولين، كل المسؤولين، يصغون إلى صوت الناس عوض الإصغاء إلى مستشاريهم والمحيطين بهم والمطبلين لهم. ليت المسؤولين ينزلون من أبراجهم، ويخالطون الشعب ويسمعون أنينه. ليت المسؤولين يستفيقون من سباتهم وإنكارهم للواقع أو تعاميهم عنه، ويتنازلون كل من جهته عن تعنته وشروطه، وعوض أن ينفض كل واحد منهم يده مما يحدث، ليتهم يتنادون ويتلاقون ولا يتفارقون قبل التوصل إلى حل يرضي ضمائرهم أولا وشعبهم ثانيا”.

وتابع: “في 17 تشرين انفجر الغضب الشعبي بسبب ضيق الأفق واسوداد الرؤية. اليوم، بعد سنة ونصف السنة، يتمنى الشعب لو أن الأوضاع السياسية والمعيشية ما زالت كما كانت يومها، لأن الوضع تفاقم، والليرة فقدت قيمتها، والسياسيون كفروا الناس بالسياسة، وانفجار بيروت أفقد الشعب ما تبقى من أمل، واكتملت المصائب بالعتمة التي تزيد الظلام ظلاما، والغلاء الذي يلتهم ما تبقى من أموال، والتلاعب بسعر الدولار الذي لم يبق للعملة الوطنية قيمة، والاستهتار العام عند الجميع، والركود والبطالة والعزلة التي نعيش فيها… حتى أصبحت الحياة في هذا البلد كمن يكتوي بنار جهنم”.

وقال: “إحذروا ثورة الجياع التي بدأت بوادرها تلوح. إحذروا ثورة شعب لم يبق له ما يخسره، بعد أن سلبتموه حتى كرامة العيش. هؤلاء هم الذين سماهم الرب إخوتي. إنهم الشعب المقهور والمحروم الذي أصبح بفضلكم يشتهي قطرة ماء تبل رمقه. يا حكام بلادي، المحبة ليست نظريات وخطابات. الدفاع عن الإنسان وحقوقه يبدأ باحترامه ومحبته وتأمين عيش كريم له. ويل لكم من دينونة الرب العادل الذي سيقول لكم: إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته، لأني سلمتكم مسؤولية شعب فجعلتموه جائعا، عطشانا، فقيرا، مريضا، عائشا في الظلمة، مشردا، مفجرا، عريانا… الويل لكم لأنكم استعبدتم شعبا خلقته حرا، مكرما، فنزعتم عنه كرامته، وأعملتم به تنكيلا. كفاكم شعارات ومهاترات عبثية والشعب يذل يوميا. أنتم قسمتم الشعب إلى فئات طائفية لكي تبقوا على استعبادكم له. إن كنتم تعملون من أجل حقوق المواطنين، فلماذا أهلكتم المواطن وأثقلتم كاهله بألاعيبكم السياسية والاقتصادية والمالية حتى خسرتموه أمواله وممتلكاته والأمل بغد أفضل؟ عن أي حقوق تتحدثون في بلد لا يستطيع المواطن فيه، المسيحي كما المسلم، أن يشتري ربطة خبز يسد بها جوع أطفاله؟”

أضاف: “أسألكم باسم الشعب المتألم: كيف تنامون والمواطنون يماتون كل يوم؟ ربما تستطيعون أن تهربوا من دينونة الشعب لكم، لكن الرب لا ينعس ولا ينام على حسب قول كاتب المزامير: أرفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني. معونتي من عند الرب، صانع السماء والأرض. لا يدع رجلك تزل، لا ينعس حافظك، إنه لا ينعس ولا ينام… الرب حافظك… الرب يحفظك من كل شر، يحفظ نفسك. الرب يحفظ دخولك وخروجك من الآن وإلى الدهر”.

وتابع: “يا مسؤولي بلادي، إن عوننا الحقيقي هو من الرب، لهذا لا نخشى شرا تتسببون به، لأن حافظ حقوقنا الحقيقي، الرب، لن يرضى بأن يغلب الشر شعبا آمن به وتوكل عليه وسلمه أمره”.

وقال: “أخيرا، اليوم، في أحد الدينونة، نرفع الدعاء إلى الديان العادل، ونصلي من أجل أن ينشر عدالته على أرض هذا الوطن الذي ابتعد المسؤولون فيه عن كل طريق مؤدية إلى الحق والعدل. نقرأ في سفر الحكمة: لأن رجاء المنافق كغبار تذهب به الريح، وكزبد رقيق تطارده الزوبعة، وكدخان تبدده الريح، وكذكر ضيف نزل يوما ثم ارتحل… الإثم يدمر جميع الأرض، والفجور يقلب عروش المقتدرين. كما نسمع على لسان والدة الإله: حط المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين، أشبع الجياع من الخيرات وأرسل الأغنياء فارغين. إيماننا أن الرب سيجري عدله على الأرض، ويبلسم جراح كل أم وأب وطفل وأخ وأخت فقدوا عزيزا إن بسبب التفجير الآثم، أو بسبب الوباء، أو لأي سبب آخر كان وراءه مسؤول غير مسؤول”.

وختم عوده: “بارككم الرب، وبارك كل العاملين الصامتين، الذين يعملون حقا من أجل إخوتهم البشر، من أطباء، وممرضين، وعاملين في المختبرات الطبية، وقوى أمن ودفاع مدني ومسعفين، وقضاة نزيهين، وحكام عادلين وسواهم من الذين يستحقون لقب مسؤولين”.

استقالتان من اتحاد نقابة أصحاب الافران

تقدم رئيس نقابة أصحاب الافران في الشمال طارق المير باستقالته من اتحاد نقابات الافران ومن النقابة، وجاء في كتاب الاستقالة: “نظرا لما آلت إليه الاوضاع الاقتصادية السائدة في البلاد وانعكاساتها السلبية على صناعة الرغيف ولاسيما بعد التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار الاميركي، في ظل عدم مبالاة المسؤولين لواقع صناعة الخبز في لبنان ومعالجة مشاكلها، أرى لزاما علي تقديم استقالتي من اتحاد نقابات الافران والمخابز في لبنان ومن نقابة أصحاب الافران في الشمال لعدم قدرتي على تحقيق مصالح القطاع”.

كذلك، تقدم رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان أنطوان سيف باستقالته من الاتحاد، وجاء في كتاب الاستقالة: “بالنظر للاوضاع الاقتصادية السائدة في البلاد وانعكاساتها السلبية على كل المستويات المعيشية والاجتماعية والانتاجية، وما آلت إليه أوضاع صناعة الخبز في ظل التقلبات المستمرة في سعر صرف الدولار الاميركي والذي يؤثر سلبا على الافران وعملها وارتفاع أسعار القمح عالميا وعدم وضوح الى أين ستؤول الامور في هذا القطاع، أتقدم باستقالتي من اتحاد نقابات الافران والمخابز ومن نقابة صناعة الخبز”.

صرخة الراعي: تصالحوا أيّها السياسيّون مع الشعب.. لم هذا التأخير المتعمّد في تأليف الحكومة؟

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطارنة: حنا علوان، بيتر كرم وأنطوان عوكر، أمين سر البطريرك الاب هادي ضو، القيم البطريركي العام الاب جان مارون قويق، بمشاركة عدد من المطارنة والكهنة، في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه، النائب فريد هيكل الخازن، عائلة المرحوم شكري الراعي شقيق البطريرك الراعي، وعدد من المؤمنين التزموا الإجراءات الوقائية.

بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “فرجع الى نفسه”، قال فيها: “1.لما أنفق الولد الأصغر كل حصته من ثروة أبيه، بالبذخ والطيش، أصبح فقيرا جدا وراح يتوسل من أحد أهل تلك المنطقة البعيدة رعاية الخنازير، لكي يقتات من الخروب الذي كانت الخنازير تسبقه على أكله. ولما تذكر البحبوحة في بيته الوالدي، وأدرك في أعماق نفسه الكرامة الإنسانية التي خسرها، رجع إلى نفسه (لو 15: 17)، وقرر العودة إلى أبيه للإعتراف بخطيئته والتماس المصالحة، وللتعويض عن كرامته المهدورة، طالبا أن يعامله كأحد أجرائه (لو 15: 19).

الصوم الكبير هو زمن الرجوع إلى الذات والوقوف أمام الله، واكتشاف الأخطاء، والتماس المغفرة، واتخاذ مبادرات التعويض، كما فعل ذاك الإبن الضال. فما من أحد معصوم عن الخطأ والخطيئة. إن التائب الحقيقي يختبر أن محبة الله ورحمته أكبر بكثير من خطاياه. فلنصل كي ننعم جميعنا بفرح المصالحة مع الله، ومع بعضنا البعض.

2. يسعدني أن أحييكم جميعا وأن نواكب معا بصلاتنا في هذه الليتورجيا الإلهية قداسة البابا فرنسيس في زيارته الرسولية التاريخية إلى العراق العزيز والجريح بمسيحييه ومسلميه. قداسة البابا يزور في هذا اليوم الثالث مدينة إربيل بإقليم كردستان، والموصل وسهل نينوى وقراقوش التي إجتاحها إرهاب داعش وطرد منها المسيحيين وهدم الكنائس والأديار وقتل وعذب عددا منهم. وقد زرناهم في أوائل أيام تهجيرهم ولجوئهم إلى إربيل، وحملنا إليهم المساعدات المالية من محسنين ومن البطريركية. فكانت توصيتهم المحافظة على لبنان لأنهم يرون فيه صخرة خلاصهم. فيا ليت اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين ، يدركون هذه المسؤولية!

لا يأتي البابا فرنسيس إلى العراق ليعزز الوجود المسيحي فيه وحسب، بل ليعزز السلام الذي هو ضمانة الوجود الحر لجميع مكونات العراق بمن فيهم المسيحيون. والسلام الضمانة مبدأ ينطبق على جميع المجتمعات والدول. صحيح أن الاضطهاد في العراق طال المسلمين واليزيديين مثلما طال المسيحيين، لكن اضطهاد الجماعات التكفيرية والجهادية للمسيحيين اتخذ طابع الإبادة. إن مسيحيي العراق عراقيون منذ السنوات الأولى للمسيحية. ومن هناك انطلق التبشير بالانجيل في بلاد الرافدين وبلاد فارس وآسيا الصغرى. والكنيسة لا ترى شرقا من دون المسيحية المؤسسة لحضارته والمتآلفة مع الحضارة الإسلامية؛ ولا ترى وجودا مسيحيا من دون الآخرين وعلى حساب الآخرين. لذلك ندعو الجماعة المسيحية أن تصمد في أرضها، وتواجه الإرهاب، وتشهد للقيم والحرية وكرامة الإنسان.

وإننا نشكر الله على الثمار الوفيرة التي تؤتيها زيارة البابا فرنسيس النبوية للعراق وشعبه عامة، وللمسيحيين خاصة، ولشد أواصر الأخوة الإنسانية بين المسيحية والإسلام.

3. في الذكرى الاربعين لوفاة شقيقي المرحوم شكري، إني أدعوكم أن تصلوا معي ومع عائلة الحاضرة معنا. فإني باسمكم أجدد التعازي للعائلة العزيزة، ومعكم نقدم هذه الذبيحة الإلهية لراحة نفسه. حفظكم الله جميعا، وأطال بأعماركم.

4.بالعودة إلى مثل الإبن الضال في الإنجيل، يعلمنا الرب يسوع ثلاثا: الخطيئة ونتائجها، التوبة والندامة، المصالحة وثمارها.

أ- الخطيئة متمثلة في ما ارتكب الإبن الأصغر تجاه أبيه والعائلة. إنها تعلق بعطايا الله ونسيانه هو المعطيها. وبالتالي هي إبتعاد عن الله وعن سماع كلامه، وعن الكنيسة وممارسة الأسرار وسائر الأفعال الليتورجية المقدسة حاملة النعمة الإلهية التي تقدس النفوس. أما نتائج الخطيئة فهي الإفتقار من القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية، وفقدان كرامة أبناء الله.

ب-التوبة تبدأ بالرجوع إلى الذات، إلى سماع صوت الله من خلال الضمير الذي هو صوت الله في أعماق الإنسان. لما غاب الإبن الأصغر عن أبيه، فأبوه لم يغب عنه، وظل ينتظر عودته لإستعادة الحياة الكريمة في بحبوحة البيت، وكرامته الإنسانية المفقودة. هكذا التوبة هي عودة إلى الذات والوقوف في حضرة الله، فيكتشف التائب أخطاءه وفقدان كرامته كإبن لله، فيندم، ويقرر العودة إلى الله من أجل الخروج من حالته المذرية الروحية والأخلاقية والإنسانية، وينفذ قراره.

ج-المصالحة هي جواب الله على توبة الخاطئ، تماما كما فعل أبو ذاك الإبن الضال العائد. فكان أبوه ينتظره بحنانه، وما إن رآه من بعيد حتى سارع وقبله طويلا ولم يشأ أن يسمع منه كلمات إعترافه وطلب إعتباره أجيرا من أجل العدالة. إن رحمة الله تجاه التائب تتجاوز مقتضيات العدالة. فيلبسه حلة النعمة، ويضع في إصبعه خاتم عهد البنوة، ويفتح أمامه طريقا جديدا. ويدعو إلى وليمة الفرح، وليمة جسد المسيح ودمه للحياة الإلهية فينا. فالخاطئ التائب “كان ميتا فعاش وضالا فوجد” (لو 15: 32).

5. كل كلام الله نور يسطع على جميع جنبات حياتنا، لأننا بدونه نهيم في الظلام. عدم الإستنارة بالكلام الإلهي هو أساس كل الأزمات والخلافات سواء في العائلة أم في المجتمع أم في الدولة أم في الكنيسة. ذلك أن الإنسان يحجب عنه هذا النور الإلهي الذي ينير العقل والقلب والضمير. بدونه تطغى على الإنسان ظلمة مصالحه وحساباته الصغيرة وارتهاناته وأنانيته وكبريائه.

لا تأتي مشكلة الإبن الضال، المتمثل فيه كل إنسان يخطأ ويضل ويخطئ، من كلام الله الموحى في كتبه المقدسة، بل من مخالفته الكلام الإلهي. هكذا في لبنان: ليس اللبنانيون في أزمة نظام، بل في أزمة انتماء إلى جوهر الفكرة اللبنانية. لو وقعت الأزمات بسبب تطبيق الدستور لقلنا إنها أزمة نظام، لكنها وقعت بسبب عصيان النظام وصولا إلى امتلاك الدولة والعبث بالوطن والمواطنين. إن ما يجري على صعيد تأليف الحكومة لأكبر دليل على ذلك، ولا علاقة له بالمواد الدستورية، خصوصا المادتين 53 و 64 المتعلقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، بل العلاقة بهوية لبنان الواحد والموحد والحيادي والديمقراطي والميثاقي وذي السيادة في الداخل وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة.

وإلا لم هذا التأخير المتعمد في تأليف الحكومة؟ لقد كنا في مرحلة شروط وشروط مضادة، فصرنا في مرحلة تحديات وتحديات قاتلة تودي بالبلاد والشعب والكيان. لقد ترك لنا الآباء والأجداد هذه الأمة اللبنانية المترامية على شاطئ المتوسط والمطلة على العمق العربي أمانة للتواصل الثقافي والحضاري والإقتصادي بين شرق وغرب. الشعب ونحن لن ندع أحدا يستولي عليها عنوة ويشوهها. لبنان بيت اللقاء يدعى لا بيت التفرقة. فلأن الجماعة السياسية والسلطة عاجزة عن معالجة أزماتنا الداخلية المؤدية إلى الموت، دعونا إلى مؤتمر دولي خاص بلبنان نهيئه نحن اللبنانيين كاشفين عللنا المتأتية من عدم تطبيق وثيقة الوفاق الوطني بكامل نصها وبروحها، ومن مخالفات الدستور بخلق أعراف وعادات سببها ثغرات فيه بحاجة إلى نقاش، ومن ميثاق العيش المشترك الذي هو أساسس الثقة الوطنية وشرعية السلطة، كما تنص مقدمة الدستور (ي).

6. لما رجع ذاك الإبن الأصغر إلى نفسه ثم إلى دفء البيت الوالدي، كانت فرحة المصالحة. تصالحوا أيها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بددتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يطالب بحقوقه، التي تستحق أن يدافع عنها وأن توضع في رأس معايير تأليف الحكومة. كيف لا يثور هذا الشعب وقد أخذ سعر صرف الدولار الواحد يتجاوز ال 10000 ليرة لبنانية بين ليلة وضحاها؟ كيف لا يثور هذا الشعب وقد هبط الحد الأدنى للأجور إلى 70 دولارا؟ كيف لا يثور هذا الشعب وقد فرغ جيبه من المال، ولا يستطيع شراء خبزه والمواد الغذائية والدواء، وتأمين التعليم والطبابة؟ كنا نتطلع إلى أن يصبح اللبنانيون متساوين في البحبوحة، فإذا بالسلطة الفاشلة تساوي بينهم في الفقر. كيف تعيش مؤسسات تتعثر وتقفل، وكيف يعيش موظفون يسرحون، ورواتب تدفع محسومة أو لا تدفع. وبعد، هناك من يتساءل لماذا ينفجر الشعب؟ من وراءه؟! فخير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن من أن ينفجر الوطن ولا يبقى الشعب! لكننا باقون، والشعب أقوى من المعتدين على الوطن، مهما عظمت وسائلهم!

7. يا رب، إليك نكل وطننا، وهو أرض مقدسة، ثقافتها المحبة والتآخي والإنفتاح، لا ثقافة العداوة والحديد والنار. نلتمس منك بشفاعة قديسيه وسيدة لبنان، حمايته وحماية شعبه، لكي يستمر في رفع المجد والتسبيح إليك، أيها الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

أبيض: الطاقم الطّبي والتمريضي منهك.. ولكن!

غرّد مدير مستشفى رفيق الحريري الحكومي فراس أبيض عبر “تويتر”، وكتب: “يجهد أحدنا في إيجاد نقاط مضيئة في وسط كل هذا الظلام الوبائي والاقتصادي والمعيشي. تستيقظ على تقرير المستشفى الصباحي، لتجد الأسرّة لا تزال ملأى، والطوارئ كذلك. ومع هذا، لا تسمع أيّ شكوى أو اعتراض من طاقم طبي وتمريضي منهك، لكنه يقوم بواجبه على أكمل وجه. بالفعل، الأبطال يعملون هنا”.

دياب يهدّد بالاعتكاف ويحذّر: لبنان بلغ حافة الانفجار!

هدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالإعتكاف في حال طال أمد تأليف حكومة جديدة.
وسأل: “ما ذنب اللبنانيين حتى يدفعوا ثمن الأطماع و”الحرتقات” السياسية؟”، منبّهاً من أنّ “لبنان بلغ حافة الانفجار بعد الإنهيار”.
وجاء في كلمة دياب:
“أيها اللبنانيات واللبنانيون
لكأن قدرنا في هذا الوطن أن نبقى معذّبين.
لكأنّ هذا الوطن محكوم بالسير الدائم على الجلجلة، وما الاستراحات المتقطّعة إلا لمتابعة مسيرة الآلام.
لكأن أحلام اللبنانيين بوطن مستقرّ، مسجونة.
لكأن طموحاتهم بدولة عادلة، ممنوعة.
لكأن أمنياتهم بالاطمئنان إلى الغد، مصادرة.
ما هي مسؤولية اللبنانيين في صراعات العالم؟
لماذا يبقى لبنان خطّ التماس في المنطقة؟
من يستخدم وطننا ساحة لتصفية الحسابات الخارجية؟
ما ذنب اللبنانيين حتى يدفعوا ثمن الأطماع والأحلام والطموحات والحرتقات السياسية؟
لقد بلغ لبنان حافة الانفجار بعد الانهيار. والخوف من ألّا يعود ممكنًا احتواء الأخطار.
فهل المطلوب أن يتحلّل البلد؟
وهل يستكمل تحلّل الدولة بعد أن أصبحت الحلقة الأضعف؟
اللبنانيون يعانون أزمة اجتماعية خطيرة، وهي مرشّحة للتفاقم إذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة لديها صلاحيات وخلفها زخم سياسي داخلي ودعم خارجي للتعامل مع هذه الأزمة.
ألا يشكّل مشهد التسابق على الحليب حافزًا كافيًا للتعالي على الشكليات وتدوير الزوايا من أجل تشكيل الحكومة؟
لا يمكننا لوم الناس على صرختهم، بينما يدور تشكيل الحكومة في حلقة مفرغة، وبالتالي تتعمّق معاناة اللبنانيين وتتراكم المشكلات الاجتماعية.
بكل أسف، اليوم، وبعد نحو سبعة أشهر على استقالة حكومتنا، لم تتشكّل الحكومة الجديدة، وهو ما وضعنا أمام معضلة كبيرة وتعقيدات كثيرة واجتهادات متباينة حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال.
البعض يطلب من الحكومة المستقيلة أن تمارس صلاحيات حكومة قائمة بذريعة الظروف الاستثنائية. والبعض يحذّر من تجاوز حكومة تصريف الأعمال ما حدده الدستور من صلاحيات تصريف الأعمال ضمن الحدود الضيقة. لكن حسم هذا النقاش هو في مجلس النواب باعتباره مرجعية تفسير الدستور.
الظروف الاجتماعية تتفاقم، والظروف المالية تضغط بقوة، والظروف السياسية تزداد تعقيدًا، والبلد يواجه تحديات جسيمة لا يمكن لحكومة عادية مواجهتها من دون توافق سياسي، فكيف يمكن لحكومة تصريف أعمال أن تواجه تلك التحديات؟
نحن لم نتقاعس عن أداء دورنا في تصريف الأعمال، ونقوم بواجبنا عند المستوى الأعلى من تصريف الأعمال وفق ما يسمح به الدستور.
بدل فتح هذا النقاش الذي يزيد الانقسامات، يجب تركيز الجهود على الإسراع بتشكيل حكومة جديدة تستكمل مسيرة الإصلاحات التي بدأتها حكومتناوتستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على قاعدة الخطة الإصلاحية التي وضعناها بعد تحديثها.
اليوم، وفي ظل تعاظم التحديات، يجب ألّا يتقدّم أي عمل على جهود تشكيل الحكومة الجديدة، أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد. فالمعادلة واضحة: لا حلّ للأزمة الاجتماعية من دون حلّ الأزمة المالية، ولا حلّ للأزمة المالية من دون استئنافالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة.
أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وتعطيل الهامش الذي نتحرّك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة.
إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة، فأنا جاهز للجوء إليه، على الرغم من أنه يخالف قناعاتي، لأنه يؤدي إلى تعطيل كل الدولة ويضرّ بمصلحة اللبنانيين.
من يتحمّل مسؤولية هذا المسار الانحداري السريع؟ ومن يستطيع التعامل مع التداعيات الخطيرة التي ستترتّب على هذا المسار؟
شو ناطرين؟
المزيد من الانهيار؟ المزيد من معاناة الناس؟ الفوضى؟
هل صحيح أن التسوية تحتاج إلى تسخين، وأنه لا يمكن تشكيل الحكومة على البارد؟
لم يعد لدى اللبنانيين القدرة على تحمّل المزيد من الضغوط.
ألا يستحق اللبنانيون تضحيات صغيرة من أجل مصلحة الوطن؟
ماذا سنفعل بوزير بالزايد أو وزير بالناقص إذا انهار كل البلد؟
فلنترك أوهام وطموحات السلطة جانبًا، لأن الآتي من الأيام لا يبشّر بالخير إذا بقي العناد والتحدّي والمكابرة حواجز أمام تشكيل الحكومة العتيدة.
لبنان بخطر شديد، واللبنانيون يدفعون ثمن الانتظار الثقيل.
الله يحمي لبنان
الله يحمي اللبنانيين”.