في مثل هذا اليوم، قبل عشر سنوات، أضيف على اسم بشارة الراعي لقب البطريرك، وبات صاحب الغبطة.
كان ابن حملايا يعرف أنّ الحمل ثقيل، بعد بطريركٍ استثنائيّ، ولكنّه أتى ليكمل لا لينقض.
٧٧ ولاية بطريركيّة، وديمقراطيّة حافظت على ألقها في متاهات هذا الشرق وحكّامه الذين لا يفارق معظمهم الكرسي إلا في توابيت.
ومنذ اليوم الأول، عانق الجمهور البطريرك المختار، الذي تولّى السدّة البطريركيّة في عيد اسمه، ولبس زيّ الحداثة والانفتاح، ورفع شعار الشركة والمحبّة.
لم يكن الراعي، في سيرته الكهنوتيّة ثمّ الأسقفيّة فالبطريركيّة، اكليريكيّاً تقليديّاً. كاهن نشيط، محاور، حيويّ، مبتسم غالباً، يجيد الإصغاء بقدر ما يبرع في التعبير. يواكب التكنولوجيا من دون أن يفقد صورة الواعظ الورع.
وفي السنوات العشر، نجح الراعي في أن يحفظ لبكركي كتابها، وهو مفتوح أمام من يرغب بأن يقرأ فيه، بينما كان دوماً بين الموارنة من لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم، وإن فهم لا يبادر.
ومع الراعي كما مع بعض أسلافه، كان موارنة السياسة مشتّتين فرقاً فرقاً، ويرفعون شعارات مسيحيّة بينما معظمهم لا يدخل كنيسةً ولا يعرف صلاةً، إلا في زمن الانتخابات، لزوم الصورة والأصوات.
ومع أنّ لبكركي هالتها والتاريخ، ومجد لبنان، إلا أنّ السرّ في الرجل أيضاً. بشارة الراعي ديناميكي، يتابع التفاصيل، ويؤمن بالمؤسسات، ويعمل وفق الكتاب، أي الدستور، فلا ينزلق ليكون طرفاً ولا يريد أن ينتزع أدوار الآخرين وحضورهم، وهذه فضيلة نادرة، خصوصاً عند الموارنة الذين لم يترك الطموح الرئاسي بين بعضهم “حيط عمار”.
المنطقة تهتزّ، ولبنان ينهار. لكنّ الصورة واضحة في بكركي. لا مغالاة في التفاؤل، ولا غلوّ في اليأس. يتمسّك الراعي بالرجاء، وهذه قيمة تمتاز بها المسيحيّة. ويؤمن بالمصالحة المسيحيّة، وهذه قد تحتاج الى تدخل إلهي.
عشر سنوات على تولّي بشارة الراعي السدّة البطريركيّة. هو يحتفل اليوم مع المطارنة والأسرة البطريركيّة بالمناسبة عبر قداسٍ ثمّ يُوزَّع الجزء الأول من سلسلة الأعمال الكاملة للبطريرك الراعي التي جمعها مدير مكتب الإعلام والبروتوكول في البطريركيّة وليد غياض ونفّذها جورج عرب، وصدرت بالتعاون مع رئيس تجمّع موارنة من أجل لبنان المحامي بول كنعان.
كما يقدّم وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال حواط طابعاً بريديّاً عن حديقة البطاركة في قنوبين.
عشر سنوات، كأنّها يوم أمس الغابر. لسنين كثيرة نقول، وبالصحة، وما أحوجنا إليها ونحن نواجه غبار الانهيار الكبير. غبارٌ يمحوه، بين حينٍ وآخر، مطرُ أمل من بكركي.
تواكب mtv المناسبة عبر حلقة خاصّة من برنامج “بيروت اليوم”، عند الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس.

