18.5 C
Byblos
Saturday, December 6, 2025
أبرز العناوينأرانب منتظرة..

أرانب منتظرة..

راشد فايد

للإنتخابات قدسيتها في دول العالم المتقدمة في الممارسة الديموقراطية والدستورية، فلا تتأخر عن موعدها ولا تتقدم، ولا تكون باباً لخلافات وطنية تهدد بحرب أهلية، وتستدرج حفلات زجل سياسي لا تبقي ولا تذر، وتحوّل الاصطفافات إلى لعبة كراسٍ موسيقية لا تثبت على لحن.

لافت أن هذه الانتخابات لها، في دولها، موعد ثابت كل 4 سنوات، أو 6، ولا يتغير إلّا إذا وقعت مفاجأة كالوفاة، والإغتيال، أو الإستقالة، ما يذكّر القارئ اللبناني بأن نواب البلد الحبيب لم ينتخبوا رؤساءه، يوماً، في موعد ثابت، منذ الاستقلال، بل يتركون الأمر لـ”همة” العرب والعالم، وحرص هؤلاء على استقرار لبنان، ومعه المنطقة. وكل كلام على القرار السيادي لم يكن يوما إلّا مضغ هواء، والدليل الواضح إليه يرتسم اليوم، فوق باريس والرياض وطهران. لكن يُشهد لرؤساء الجمهورية اللبنانية الـ 13 منذ الاستقلال، أنهم لم يعاندوا موعد مغادرتهم المقر الرئاسي يوما طيلة الـ 80 سنة، ولو أن بعضهم لم يوارِ رغبته في ذلك.

لا يختلف الحال عن الأمس، سوى في غياب الوصي المباشر السابق، الذي كان يفرض المرشح أو التمديد، ويُسكِت، بسطوته، كل اعتراض، ولو تململاً، ما يفسح في المجال اليوم لفراغ دستوري، يستجر مصائب أمنية واقتصادية ومجتمعية، تفكك الدولة ومؤسساتها، إلى حد سرقة كابلات في وسط المدينة لا يجرؤ غير “المدعوم” على فعلها.

لكن في انتظار الانتخاب الرئاسي المأمول، سيطول أمد الفراغ، ويستلزم إشغال الناس بما يحيل اهتمامهم عن الموضوع الرئيسي كما اقتراح حوار بين المتخاصمين، أو ما فاجأ به نائب رئيس مجلس النواب، الياس أبي صعب، “جمهور المسرح السياسي اللبناني” باقتراح إجراء انتخابات نيابية مبكرة، يعرف قبل غيره استحالة اللجوء إليها، لأن الظروف “الوطنية” نفسها لا يمكن أن تنتج سوى الوقائع المعرقلة نفسها، من تعميق الشد المذهبي والطائفي والمناطقي، إلى الرشى والاستزلام، والعبء الإداري والمالي على ميزانية الدولة المفلسة، والتوتر الأمني المرافق، والذي سيكون أعلى من السابق، خصوصاً بعدما أفقد الإعتياد سلوك الحزب المسلح فوقيته، وادعاء تعاليه عن الصغائر السياسية و”أنزل” من علياء القدسية الوطنية المزعومة، إلى زواريب الشعبوية المريضة، بعدما باتت “7 أيار” قمة مجده الزائف، و”القمصان السود” عنوان ديموقراطية يدّعيها.

دُفن الإقتراح-البدعة عند عتبة مقر رئيس المجلس، برغم أنه (الإقتراح) نظرياً، قمة في الديموقراطية، لكن ليس في لبنان، حيث تخضع لـ”ترجمات” تحريفية ما أنزل الله بها من سلطان، و”المجتهد الأكبر”، في مجالها، رئيس المجلس، وقد برع في وقف الزمن عند الجولة الانتخابية الأولى، 12 مرة، على مدى 8 اشهر ونيّف.

يصعب على العاقل أن يصدق ان نائب رئيس المجلس كان جاداً في اقتراحه، لكن خطوته تؤشر إلى إرادة ملء الفراغ المتأتي من جمود انتخاب الرئيس، محلياً، وانتظار ما سيحمله الحرص الاقليمي- الدولي على استقرار المنطقة، وتسوياتها. وتسييل هذا الجمود يستلزم “مبادرات” تلهي الرأي العام عن العقدة الأساسية، على نسق الانتخابات المبكرة، أو عقد جلسات تشريعية، أو البحث غير المجدي لتعديل مهمة قوات اليونيفيل، وفق سعي وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، وتحريك النقاش في اللجوء السوري، والوجود الفلسطيني.

كلها “أرانب” لا ينقصها الساحر.

المصدرالنهار
- إعلان -
- إعلان -

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- إعلانات -
- إعلانات -

الأكثر قراءة

- إعلانات -
- إعلانات -
- إعلان -
- إعلان -
error: Content is protected !!