الخوري طوني الخوري  : “كَم من مارونيٍّ بقيَ بين الموارنة”

لَم يكُن همّ مارون تأسيس كنيسةٍ على اسمه، ولم يخطُر على باله هذا الأمر البتّة. فهذا القديس، ومعنى اسمه “السيّد الصغير”، الذي عاش حياته ناسكاً ورِعاً تقيّاً على جبل قورش في العراء ابتداءً من سنة 398، أمضى حياته مُنشغِلاً بتشَيّد بيته السماوي، قَلِقاً على مُستقبلِه الذي لا يزول، ساعياً إليه بكلِّ جوارِحه.

وأتباعُ مارون هُم اشخاصٌ جذبتهم الفضيلة القادرة وحدها على أن تُخاطب الطبيعة الأصليّة للإنسان المفطور على الخير، لأنّها تستهوي قلبه وتُثيرُ فيه عاطفة الحنين إلى الله. من هذا الإنجذاب بالذَات وُلد هذا الشعب الذي أُطلق عليه إسم “​الموارنة​”، والذي أصبحَ فيما بعد كياناً مُميّزاً في ​الكنيسة الكاثوليكية​ الجامعة.

وعلى مدى تاريخهم المُشَرِّف، عانى الموارنة من الظّلم أشدّه، ومن الإضطهاد أقساه، ومن العُنف أبغضُه، ومن الحروب أبشعها. وفي كلِّ هذا لَم يضعفوا، ولم يخضعوا، ولم يتخاذلوا، ولَم يتوانوا عن تسيير حركة التاريخ في هذه البقعة من الأرض التي زُرعَوا فيها زرعاً جيّداً.

ولكن الحال أن صورة موارنة الزّمن الحاضر، لم تعد نفسها الصّورة التي عرفها التّاريخ وعرَّف بها عنهم! ولا أخطىء إن صوّرتُ واقع الحال، وأحزنت الموارنة بهذا المقال على أمل أن يؤول بهم حزنهم إلى التّوبة. ولا أُخطىء إن قُلت بأنَّ أبناء مارون لم يعودوا على وحدةٍ في المسار تُغذّيها وحدة القلب والرّوح والفكر والعقيدة. فهذا الجسم المسيحيّ السّريانيّ المشرقيّ المقدّس، أصبح جسداً منقسماً على ذاتَه وعلى هويته: فمَن الموارنة مَن تفرنسَ بال ” الإغّ”، وتأنجَلز بال” آر”، لُغَةً وثقافَةً وطريقة حياة، وكَفَر بلغة السّريان البائدة، وبلغة الضّاد التي لا ترقى بنظره إلى مستوى الرُّقيّ. وفي العقيدة، من الموارنة مَن تأنجلَ على الطريقة البروتستانتيّة، فَكَفر بمارون وبسلالة مارون؛ بشربل ورفقا وبقدّيسي الموارنة، واستفاض مديحاً بمارتن لوثر وبِجان كالفين. ومن الموارنة مَن تَمَسلَكَ بالبوذية والهندوسية، واعتنق نهجهما في التأمّل وتفريغ الذّات من الكبوات والهفوات. ومنهم من أصبح شاهِداً ليهوه، مُضلِّلاً الآخرين وهو نفسه مُضَلَّل. ومن الموارنة مَن ألحَد، ومنهم مَن فسد وأفسد، ومنهم مَن … ومن الموارنة مَن تَمَاسَن، نسبَةً إلى الماسونيّة وأخواتها. ومن الموارنة مَن تَلبرَل، نسبةً إلى الليبراليّة، ومنهم مَن تدهرَن وتفلسف بفلسفات العصر المُعادية لله والغريبة عن إيمانٍ وقيَم الآباء والأجداد.

وفي السّياسة، مِن الموارنة مَن تَسَعود، ومنهم مَن تأيرن، ومنهم مَن تأمركَ، ومنهم مَن تروَسَن وتَسوَرَن، ومنهم مَن تأورَب. سياسيّوا الموارنة لا يتّفقون، وأتباعهم لا يتّفقون؛يتحازبون، يتباغضون، يتحاقدون، يتقاتلون، يتناطحون، يتصارعون، يتحاربون. وفي السّياسة أيضاً، يستميت الموارنة من أجل معبودييهم الذين تسلّطوا عليهم وهجّروهم وأفقروهم، وعندما تضيق بهم الحال يكيلون المسبة تلو المسبة، لبطريركهم وأساقفتهم وكهنتهم ورهبانهم وراهباتهم.

العديد من عائلات الموارنة إلى تفكّك. نسبة الطّلاق عند الموارنة إلى ارتفاع. نساء الموارنة يُعقِّمن بطونهم بالعقاقير، وإن وَلدنَ فحدّهنَّ ذكراً وأُنثى يُسلمانهما إلى أيدٍ غريبة لتُربيّانهما، وإن لَم يُردنَ مواليدهنَّ أجهضنهم بالإتفاق مع أزواجهنّ أو بتحريضهم. جيل الشّباب عند الموارنة مُنسَجم مع الزّواج المدني والمُساكنة الحُرّة وزواج المثليين والإجهاض​ والقتل الرّحيم، ومع الطّروحات الليبراليّة التي تُسوقّها الجمعيات اللاحكوميّة التي ينتمون إليها، والتي تتبع أجندات عالميّة مُثيرة للرّيبة.

ولَم تَعُد حياة الموارنة تُشبِههم، ولا مائدتهم تُشبههم، ولا لغتهم تُشبههم، ولا تقاليدهم تُشبههم، ولا ليتورجيّتهم تُشبههم، ولا احتفالاتهم الدّينيّة والدنيويّة تُشبههم. كلّه أصبح مستورداً يُحاكي ثقافة العصر ولغة العصر وموضة العصر وصرعات وصيحات العصر، ولَو على حِساب التاريخ والجغرافيا والهوية والكيان.

وفي المُحصّلة، إن جَمعنا هذا البعض إلى بعضه، يُصبح البعضُ أكثريّة، ويُصبحُ أنّ أكثريّة الموارنة توقّفوا منذ زمنٍ بعيد عن أن يكونوا أبناءً أوفياء لمارون القدّيس، ولتاريخهم المقدّس ولكنيستهم المقدّسة. ويُصبِح أن الموارنة بحاجةٍ إلى البحث عن هويتهم الأصليّة، وعن الموارنة الأقحاح بين الموارنة. ويُصبِح أيضاً أن التّوبة قد أضحت حاجة مُلِحّة لهذا الشّعب؛ فالتوبة وحدها قادرةٌ على تصويب المسار ومنع الإنحدار، واستشراف المُستقبل على أُساس الماضي المُشرِق والمُشرّف، فيكون الموارنة كما آبائهم وأجدادهم، صانعي مجد الموارنة في الزّمن الحاضر، ومجد لبنان…والسّلام.

عبدو العتيّق نعياً جان عبيد : خسرناك مدماكا” في الصرح الوطني.

نعى رئيس بلدية بلاط ومستيتا وقرطبون عبدو بطرس العتيّق النائب الراحل جان عبيد قائلاً : برحيل معالي الوزير والنائب جان عبيد، نفتقد قامة وطنية كبرى، ظلت لأكثر من نصف قرن حاضرة في الحياة السياسية اللبنانية خارج النزاعات، وعنوانا” للتوافق والوحدة الوطنية.

نجلك الصديق سليمان خسرك والدا” حبيبا”، ونحن خسرناك مدماكا” في الصرح الوطني.

تعازينا الحارة للعأئلة الكريمة ولمعالي الدكتور جهاد أزعور، ونضرع الى الله ان يجعلك في جنته السماوية بين الأبرار.

لارا سليمان نون : أي حرب هذه… نموت فيها بالمئات يومياً…

كتبت الإعلامية لارا سليمان نون : أي حرب هذه… نموت فيها بالمئات يومياً… دون حداد عام… مجرد أرقام بالجملة… لا اسماء لا ابجدية…

اي حرب هذه حولت منازلنا إلى ملاجىء… وارتدى فيها القناص ثياب الأحبة… والقناص ضحية…

أي حرب هذه… نموت فيها دون قرع أجراس… دون قرابين قداس… دون وداع ووصية…

أي حرب هذه… غابت عنها خطوط التماس… والقنابل والصواريخ والمدفعية…

أي حرب هذه… أي ابادة جماعية… أي سدوم وعمورة… أي عقاب للبشرية؟

الممثل اسعد رشدان ناعيا ً الراحل جان عبيد : تبخّر الحلم.

نعى الممثل اللبناني اسعد رشدان ابن بلدة عمشيت النائب الراحل جان عبيد عبر صفحته على الفايسبوك قائلاً : تبخّر الحلم.

جان عبيد، لم يعد لك في ذمّتي الا الزيارة.

سوف تحصل، فوعدي دين، لاني لست رئيس تيار ولا رئيس مجالس ولا حتى رئيس بلاد، وحصولها لم يعد بعيداً…

جان عبيد، بكيتك دمعاً ودماً.

بكيت على نفسي، على حلم أولادي بوطن يشبه ولو حذاء الدول المتقدمة.

حتى هذا الحلم تبخر اليوم، فقد

رحل جان عبيد …

“جان عبيد… أنت تمثّلني”.

عمشيت في ٢٠١٨/٥/٧

منذ حوالى السنة، وعلى إثْر لقاءٍ صباحيّ عبر الشاشة الفضيّة بعنوان “برج اليوم ومعنى إسم أسعد”، تكلّمت في الفن والمجتمع والسياسة، من خلال رؤيتي الواضحة والثابتة، فكان اللقاء جيداً أقلّه بالنسبة اليّ، لِتمتُّعِ محاوِرتي بالثقافة والمنطق والخبرة المميّزة واللباقة الأخّاذة.

مرّت عدّة ساعات على هذا اللقاء؛ وعند المغيب، كنت في الطريق الى بلدة شيخان الجبيلية، في زيارةِ أقاربَ أعزّاء، رنّ هاتفي فأجبت، وإذ بصوت لطيف يسأل إن كان بالإمكان التحدّث الى الأستاذ أسعد رشدان، فكان جوابي البديهي: أسعد يتكلّم، من معي؟ قالت:

مكتب الأستاذ جان عبيد. لحظة من فضلك. الأستاذ عبيد يريد التحدّثَ اليك…

لا أُنكر أنني شكّكت بجدّية هذا الاتصال وخِلت أن أحدهم يحاول تمرير مزحة، فحضّرت نفسي لها بدافع الحذر الذي كان يرافقني دائماً، تحاشياً لمطبّات السخرية العفوية البريئة والجارحة في آن. عندها نظرتُ الى الهاتف لأعاين الرقمَ المتّصل لعلّي أعرف صاحبه؛ رقم هاتفٍ خلويّ مميز ينتهي بخمسة أرقام متماثلة.

وما إن مرّت برهة، حتى انساب صوت هادئ، يحمل ثقة واضحة، مفعمة بالرصانة والتواضع والاحترام، وبعضٍ من الإعجاب، هنأني على المقابلة التي شاهدها كاملة. فأجبت شاكراً بالحذر ذاته، حذري من أن لا يكون المتكلّم هو الشخص نفسه الذي ادّعتهُ الآنسة المتّصلة. وأعترفُ أن هذا الإحساس رافقني على مدى المكالمة.

تبادلنا الكلام، بين اطراء وإثناء على نظرتي للأمور وعلى تحليلي للأسباب ورؤيتي المستقبلية للحلول المرجوّة، انطلاقاً من تجربتي الاغترابية المتواضعة، وبين شكري لمبادرته المشرّفة الفريدة والمفاجئة. دامت المكالمة لحوالى العشرين دقيقة انتهت بدعوته لي لزيارة مكتبه في سن الفيل واعداً إياه بتلبيتها عندما تسمح ظروفه وظروف عملي.

وصلت الى حيث أقصد والدهشة كانت ما زالت تتملّكني مع بعض الشك، كوني لم أعتد خلال حياتي، وما توقعت يوماً، أن أفاجَأ بهكذا اتصال مباشر راقٍ من سياسي لبناني، كان نائبا ووزيراً ومرشّحاً دائما لرئاسة الجمهورية اللبنانية دون وجود أيّ معرفة شخصيّة بيننا.

اول ردة فعل لي كانت التأكّد من رقم الهاتف بواسطة التطبيق true caller الذي أظهر من دون لبس اسم المتّصل: جان عبيد.

لقد عايشت هذه الحالة مع عضو الكونغرس الأميركي السيناتور

Sen. Jhon Culberson

ممثِّل منطقتي السكنيّة في مدينة هيوستن – تكساس، والذي ما إن اتصلت بمكتبه بناء على نصيحة صديق، حتى بادرني بعد ساعة او اكثر بقليل بالاتصال بي شخصياً، انا المهاجر اللبناني الأصل طالباً مني مقابلته بعد أخذ موعد من مساعِدته للاستماع الى قضيتي، والتي حلّها لي خلال ثلاثة أيام بعدما كانت متماطلة لاكثر من خمس سنوات بسبب حساسية بعض موظفي الهجرة وتحفّظهم على تسهيل الهجرة للعرب وفي مقدّمهم اللبنانيون. وخلال ستّة أشهر من تاريخ المقابلة، كانت الإقامة الدائمة “Green Card” بين يديّ.

لم أقابل الأستاذ عبيد حتى الساعة، لكن فرحي بنجاحه اليوم، والذي لم يكن مفاجئاً، يوازي فرحي بحصول الاستحقاق، كما الفرح بنجاح كل أحبائي الناجحين كتائب وقوّات لبنانيّة ومستقلّين وعلى رأسهم الصديقة الحبيبة بولا يعقوبيان، لما يعني نجاحها من أمل ورجاء…

جان عبيد، هنيئا لنا وللبنان بأمثالك.

يكفيك فخرا هذا التواضع والواقعية وهذا الرقيّ في التعاطي الإنساني المسؤول، الذي إن دلّ على شيء، فعلى سموّ العلاقة الوطنية الصرفة بين المسؤول والمواطن، والذي لم نرَ مثيلاً لهذا الرقيّ، الا في المجتمعات الغربية المتقدّمة، والذي ما عرفناه الا عبر أخبار الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي…

وعلى أمل أن تعمّ هذه الظاهرة الحضاريّة بلدنا فننتقل من مرحلة المحسوبيّات والمصالح الشخصيّة والانتخابيّة الضيّقة، الى مرحلة المواطنة الحقيقيّة الشاملة، رأيت انه يتوجّب عليّ أن أتوجّه بالشكر العلنيّ إلى الأستاذ جان عبيد، خاصة أنني لا أعرفه شخصيّاً كما ذكرت، وأني لست ناخباً في منطقته، كما التوجّه اليه بالتهنئة القلبيّة الحارّة لاستحقاقه هذا الفوز المشرّف.

شكراً سعادة النائب والف مبروك.

نحن من ورائك، ولا نطلب منك الا وطناً يكون على صورتك ومثالك.

مكتب جبيل في الضمان الاجتماعي : نعتذر عن عدم استقبال دون موعد مسبق

اعلن مكتب جبيل في الضمان الاجتماعي انه  يعتذر  عن استقبال أي مضمون أو مندوب أو صاحب عمل دون موعد مسبق من اجل سلامة الجميع .
كما نتمنى الالتزام بالمواعيد منعا للاكتظاظ ونقل العدوى.

الحسيني ناعياً جان عبيد : عرفناك رجل دولة بامتياز

غرد النائب مصطفى الحسيني عبر تويتر ناعياً النائب الراحل جان عبيد : في زمن التعصّب، يخسر لبنان رجل الإعتدال وصاحب الفكر الجامع والداعي دومًا إلى الحوار والتآخي.

عرفناك رجل دولة بامتياز، وصادقنا طينة نادرة من الوطنيّين الأوفياء لوطنهم وأمتهم والعطاء المستمرّ. عروبيّ، لبنانيّ أصيل، ستبقى في البال وفي الضمير الوطني.

الصديق جان عبيد، وداعًا، إلى جنّات الخلود.

عزائي القلبي للعائلة، ألا صبّر الله قلوبكم والرحمة لروحه الطاهرة.

الحواط ناعياً جان عبيد : ‏رجل الاعتدال والحوار

غرد النائب زياد الحواط قائلا: “‏جان عبيد…

‏رجل الاعتدال والحوار .

‏رجل الحكمة والمعرفة.

‏رحمك الله وأحر التعازي للعائلة الصديقة ولكل لبنان”.

ابي رميا ناعيا عبيد: لبنان ونحن خسرناه معكم

 غرد النائب سيمون ابي رميا عبر حسابه على تويتر ناعيا النائب جان عبيد، قائلا:
‏ليست خسارة لآل عبيد، او لطرابلس …
الدبلوماسية الذكية، الاخلاق الدمثة، الوطنية الصادقة، الحكمة المسؤولة، الاعتدال الايجابي، النائب والوزير المحب والخدوم…
كل هذه الصفات خسرت صورتها البهية.
الى زوجته واولاده الاصدقاء، لبنان ونحن خسرناه معكم.
جان عبيد وداعاً.

سليمان : في رحيل عبيد يخسر لبنان ركنا أساسيا من أركان الحوار

نعى الرئيس العماد ميشال سليمان وزير الخارجية السابق النائب جان عبيد وقال في بيان: “في رحيل النائب جان عبيد يخسر لبنان ركنا أساسيا من أركان الحوار، وصورة مشرقة من صور إطلالاته على الخارج وعلاقاته بالمجتمعين العربي والدولي، وتخسر طرابلس فلذة من وجهها الجميل، ويخسر كل من عرف جان عبيد عن قرب، صديقا صادقا لا يعرف غير المحبة ولا يضمر غير الخير.
نسأل الله ان يلهم عائلته الصبر، ونتمنى لجميع اللبنانيين العافية من الوباء الخبيث الذي يخطف من بيننا أعز الناس”.

فاروق أسد أبي شديد : قمّة في الذوق ولياقة في الحضور

بينما كنت أقلّب المشاهدات على مرآة هاتفي الجوّال،رنت عيناي إلى صور متلاحقة لإنسان كان صحيح الصحّة والأحوال، إلى وقت قريب، وما كنا نعتقد أن الموت منه قربب كل هذا القرب، وكان النبأ الحزين،فارق فاروق الحياة الفانية مرتفعا إلى الحياة الباقية،وكانت كلمات ومشاعر وعواطف تُسكب دامعة من قلب الأهل والأصدقاء على مرايا الصدق.

ففي هذه الظروف المؤلمة والدقيقة،والتي من جهة، يُرتكب فيها ما يُرتكب، من دون الوصول إلى الحقيقة،ومن جهة أخرى، تُسيطر فيها جائحة جامحة تزرع الرعب في الخليقة ،لقد غادرنا خلالها إبن العائلة “الراموطيّة” الجبيليّة العريقة، واحد الوجوه التي لنا ولضيعتنا صديقة،إنّه الأستاذ فاروق أبي شديد ،صاحب الإطلالة الأنيقة والهمّة الرشيقة والإبتسامة الرقيقة والأحاسيس العميقة.

وفي اليوم التّالي ،ما استطعت رغم التعبئة والحجر والكمّامات… إلّا أن أشارك في جنازته، وكانت مميّزة بين جنازات هذه الأيّام . هذه الأيّام التي اختصرت فيها الواجبات بالإتصالات ، وتعددت الأزمات،واغتيلت الإبتسامات،وتلوّثت النسمات، وادلهمّت الظلمات،وتنكّست الهامات، وغرق الناس في خضًٍم الملمّات،ولم أستغرب في ختام الجنازة أن يلقي إبنه الدكتور حوزق كلمة شكر مُفعمة بالتعابير الرّاقية،وردّد ما سمعناه من ألسنة معشر البشر “ضيعان الأوادم”.

وبعد عودتي إلى منزلي تساءلت وتعجّبت : مَنْ كانت للكلمة مكانة في حياته،أَلا تكون حاضرة في فُجاءة مماته ! ؟ ،هو الذي إمتلك الحسّ الأدبي والشعور الإنساني،فكان واحدًا من أرباب الثقافة وعاشقي الكلمة.

وسرحتُ في خيالي ،وإستحضرتُ صورًا غالية على بالي،ففي كلّ مناسبةكان حاضرا فيها وكنا نلتقي، ومنها ما رحت أعتليها ،خطيبًا أو مُتكلّمًا أو مُقدّمًا أو أديبًا،كماوأثناء توقيع كتابي “وجوه وكلمات”،أوكلّما كتبتُ كلمة أو شرعتُ بإلقائها أو صدحتُ ببيت شعر،حيث كلّما تساحبت أحاسيسي إلى حضرته وسافرت عيناي إلى محيّاه، وسرحت نبرتي إلى أذنيه، وعلى ضوء الإصغاء والإندماج والإنسجام، ألمحُ بريق الإعجاب يلمع في عينيه مترافقًا مع نقاء شيبته وبهاء وقاره ومع جمال هيبته وعمق أفكاره.

ولا غرْوَ في ذلك، فهو الذي أبصرَ النور في بيت رفع العلم مشعال نور،وفي كنف والدة تقيّة ومعلّم مشهور،وكان المعلّم أسد أبي شديد ذلك الرجل الوقور،صاحب”الرأي والشور” ،كما أنه شكّل لثقافة وجيل ذلك الزمان جسر عبور، حيث أنه سليل عائلة أصيلة وفي هذا الجبل متأصّلة الجذور.

واستقرّ الأستاذ فاروق بين مدينة الحرف وبين هذا الجبل، وسط باقةمن ضياعنا الساحرة “الراموط،عبادات،بيت حبّاق،ساقية الخيط،هابيل،شامات،حصارات…”،وشرّع أبواب دارته في جبيل كما دارته في الجبل لأهل الإيمان والفكر والثقافة فتدثّر حسن الإستقبال وكرم الضيافة،وفي هذه البقعة الجبيليّة،راح يتنقّل على أنغام وَشْوشة النسيم وحفيف الأشجار،ويمتّع ناظريه بجمال الطبيعة الخلّاب،ويملأ لحظاته وأيامه بالسهر على غلال المواسم وقطف الثمار وجمع الغمار،ثمّ يستريح حيث تطيب الجلسات في الفيّء والظلال، أو على مصاطب البيوتات، حيث يحلو التلاقي وتصدح الأشعار على ضوء القمروحتى انبلاج الفجر ،أما كلّما تعانقت مسامعه مع رنين الأجراس، فهذا يعني أنّه أوّل المواسين في الأتراح وأوّل المدعوّين إلى الأعراس،فهو أحد رموز الحضور الإجتماعي في منطقتنا، لا بل امتدّت علاقاته إلى مساحة الوطن.وهذا العلم من أعلام بلاد الحرف، أذا إلتقيته ولو من باب الصدف، لا تستطيع أن تغضّ عنه الطرف،لأنّه إذا سبقك سيسابقك إلى إلقاء التحيّة أو إلى طرح السؤال عن الأحوال، فيخجلك بذوقه وإحساسه، ولن يدع لك أي خيار آخر أو يترك لك أي مجال.فأثبتَ أنّه المميّز في علاقاته،والصّادق في صداقاته والدّمس في لقاءاته فكان الوفاء في أيّام عزّ فيها الوفاء،ليحصد المحبّة والتقدير من الغرباء قبل الأقرباء.

أمّا في حصاراتنا فكنّا نعتبره من أهلنا،فيُقابلنا بأصدق المشاعر ويبادلنا كلّ الواجبات،فلروحه من ضيعة أحبّتْهُ وقدّرتْهُ أسمى الأيات وأبلغ التحيّات،وإسمه عندنا قد دُوّن على الذهبيّ من السجلات،وعطر دعواتنا إليه يقابلها بأولويّة التلبيات، ونستغرب إن غاب، ونبتهج إن حضر، ليزيّن بطيفه مع زوجته كلّ الاحتفالات.

وسمعنا ما سمعنا،من أصحاب الرأي الحرّ، ،فالأستاذ فاروق لم يؤذِ أحدًا ولم يجرح أحدًا،بل كان يساعد ويساند، وفي وجه الشرّ. يعاند.وسمعنا وشهدنا،بأنّه لم يدع إنتماءه السيّاسي يتغلٍب على إنتمائه المناطقيّ، بل جعله في خدمة الجميع،فهو كان بمبادئه يفاخر و يحترم دومًا الرّأي الأخر.

فأبن العائلة المؤمنة،كان مثاليًّا في إيمانه، الذي توجّه بتقاوة النّفس وعيش المحبّة،ولأنّه من أبناء النّور وأبناء النهار وليس من أبناء الظلمة وأبناء الليل،راح ليلاقي وجه ربّه في يوم أحد الموتى المؤمنين مرتديًا خوذة الإيمان والخلاص. أستاذفاروق: ولأنّ موقع القلب إن حدّدناه في الوطن يكون على الشمال،فلقد تلاقى قلبك مع قلب إبنة الشمال،تلك السيّدة الفاضلة والمتفانية والمميّزة والبارزة بين سيّدات عصرها،أنّها السيّدة نوال جبّور أبي شديد،التي ما اكتفت بشراكتك لها بتأسيس العائلة، بل ولأنّها شهدت على صدق أبوّتك وتميزّها، وعلى مثاليّة تلك الأبوّة ورُقيّها،فلقد دعتك إلى الشراكة في تأسيس جمعيّة وطنيّة،إستنبطت فكرتها من ميزاتك، وكانت الجمعيّة اللبنانيّة لتكريم الأب،وهكذا وكما كنت شريك التأسيس في الحياة العائليّة،فلقد كنت شريكا في تأسيس هذه الجمعيّة،وكم شرّفني التعاون مع رئيسة الجمعية اللبنانية لتكريم الأب الدكتورة نوال أبي شديد في مناسبات عدة وكان أبرزها يوم قدّمت الإحتفال التكريمي الذي أحيته الجمعيه لبعض الشخصيات ومنهم المطران ميشال عون،والفنان روميو لحود و النقيب محمد البعلبكي والشاعر رفيق بولس ….. أما بعد اليوم، ففي كل أول يوم من كل صيف، حيث يصادف عيد الأب، فستمطر السماء حزنًا وأشواقًا،وستحتفل السيّدة نوال بعيد الأب على وقع قول المتنبّي”عيدٌ بأيّة حال عدتَ يا عيد”.

أما قال السيّد المسيح”الرّجل الطيّب من كنزة الطيّب يخرج الطيب”،وهكذا من منجمك، ومن مقلعك، ومن بيتك، ومن مدرستك، كان المعلّم وكان المهندس وكان الطبيب،حتّى الثقافة حضرت مع جواهر النصيب من الكنائن، وستنتقل إلى الأحفاد بقيمتها وقيمها. فمن أسّس عائلة كعائلتك،ومن أسّس جمعيّة تكرّم أمثالك،ومن خدم في الإدارة العامّة بأدميّة وشفافيّة،ومن إنتمى إلى عائلة أعطت على جميع الصّعد،فكان المبدع منها وكان الفنّان منها وكان الشقيق المختارطوني منها….،ومن عمل بتضحية وإندفاع في الشأن العام،في كلّ ذلك ومع كل ذلك، ألا يكون قد خدم الوطن…!!

عسى الله أن يمنّ علينا بالرجال الصالحين والحاضرين أبدا في مجتمعنا التوٍّاق دائما الى أمثالهم. نتقدم بالعزاء من الأهل والأصدقاء، متمنين للراحل،والذي خلّد ذكراه بما ترك وبمن ترك، وبما تحلى به من جمال فضل وفضيلة،فكان الوالد الفاضل والعصامي المناضل. عسى أن تسكن نفسه يا رب، غمرة الأخدار اسماوية، جوار الأبرار والصديقين.

فادي مارتينوس ناعياً جان عبيد : لبنان يودع رجل دولة قل نظيره

نعى رئيس اتحاد بلديات جبيل الأستاذ فادي مارتينوس النائب الراحل جان عبيد قائلاً : اليوم، عائلتنا حزينة كما كل لبنان…

فلبنان يودع رجل دولة قل نظيره، بثقافته وحكمته وانفتاحه وعلاقاته، صاحب الرؤية والكلمة الموزونة والعقل الراجح والاخلاق العالية والروح الحوارية!

وعائلتنا تودع كبيراً وعزيزاً وغالياً، كان بالنسبة لي أخاً نكبر فيه ونعتز به، سنفتقد حنانه وعطفه وطيبته واسلوبه الراقي المحب القريب!

جان عبيد رحمك الله…

عون يحتفل بعيد أبرشية جبيل وذكرى توليه التاسعة على الابرشية بقداس عيد مار مارون

يحتفل راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون بعيد الأبرشية وذكرى توليه التاسعة على الأبرشية في القداس الإلهي الذي يترأسه بمناسبة عيد مار مارون شفيع الكنيسة المارونية، وذلك نهار الثلاثاء ٩ شباط ٢٠٢١ في تمام الساعة الخامسة والنصف مساءً .
للمشاركة عن بعد عبر الصفحة الرسمية للأبرشية عل الفايسبوك : ابرشية جبيل المارونية

https://m.facebook.com/jbeileparchy/